كل المؤشرات الميدانية والشعبية تشير إلى أن ليبيا دخلت مرحلة دقيقة وحاسمة، بعد أن فقدت الحكومة كل سلطة، وفقدت الدولة هيبتها أمام تغول الميليشيات المسلحة، وسطوة التنظيمات المتطرفة التي حولت ليبيا إلى مرتع لها وقاعدة تهدد أمن دول المنطقة. فحتى أسبوع مضى فقط، كانت الاحتمالات في ليبيا المضطربة؛ إما انهيار تام للدولة والمؤسسات ينتهي بتقسيم البلاد، أو سيطرة جماعات مسلحة على المدن والمراكز الرئيسة تنتهي بحرب أهلية، وإما تدخل عسكري أجنبي طويل المدى كما يحدث في أفغانستان. لكن مع تدخل الجيش بقيادة اللواء خليفة حفتر، فإن ليبيا تكون قد تجنبت كابوس الاحتمالات الثلاثة.
ما يقوم به الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء المتقاعد حفتر، هو فرصة الليبيين الأخيرة لاسترداد ليبيا المختطفة منذ عشرات السنين، وهي معركة لا تقل عن معركتهم من أجل الاستقلال، فالمتشددون احتلوا بنغازي بالفعل، وهم مزيج من جنسيات مختلفة لا تؤمن بالحدود الوطنية، وتعمل على ابتزاز الإنسانية.
وقد تزايدت النداءات والاستغاثات للجيش، من قطاع عريض من الشعب الليبي، من أجل حمايتهم من الجماعات الإرهابية، وما يعتبرون تخاذلاً من قيادة الجيش والحكومة الليبية، لذلك فإن «معركة الكرامة» التي يبدو أنها تستقطب قطاعات واسعة من الشعب الليبي ومن القوى السياسية الوطنية، لا بد أن توجه ضد من حرض على الاغتيالات، وللقضاء على الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار، كما أن التفاف الشعب ضد الإرهاب جزء من نضاله ضد همجية الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة، لإنقاذ ليبيا وانتشالها من براثن المتربصين بها.
إن التلاحم الواضح بين الجماهير الشعبية والجيش، وجعل الأمن الوطني فوق كل اعتبار، هما المنقذ الوحيد من هذا الوضع المأساوي الذي يتحكم فيه القبليون والمتطرفون. وتحرك الجيش الليبي بقيادة اللواء حفتر، يجب أن يكون في هذا الإطار ومن هذا المنطلق، لإنقاذ البلاد من الضياع، وهو ما يتطلب دعم كل الليبيين ومساندتهم لإعادة الاستقرار وإرساء حكومة تمثل كل أطياف الشعب الليبي، وصولاً إلى إقامة دولة القانون، وتحقيق العدل والإنصاف لكل المواطنين الليبيين، ودحر كل أشكال الإرهاب والتطرف.