منذ سقوط نظام معمر القذافي تعيش ليبيا حالة من الفوضى والصراع المسلح بين الميليشيات التي باتت تسيطر على العاصمة طرابلس وأجزاء من بنغازي وغيرها من المناطق، مما أعاد البلاد مئات السنين إلى الوراء، وانعكس الوضع الميداني على الوضع السياسي، حيث يتنازع رئيسان للوزراء وبرلمانيون السلطة بين طرابلس وطبرق.

هذا الوضع المختل خلق حالة من الاصطفاف الميداني والسياسي، فالبرلمان الشرعي المعترف به دولياً اتخذ من طبرق مقراً له بعد سيطرة ميليشيات «فجر ليبيا» على طرابلس العاصمة بقوة السلاح، فيما يرأس الحكومة المعترف بها دولياً عبدالله الثني.

في المقابل يحاول المؤتمر الوطني العام اللاشرعي فرض إرادته على الليبيين بقرارات تصب في صالح المليشيات وبفرض رئيس وزراء منتهية ولايته على الشعب، فضلاً عن منح الغطاء للمليشيات المتطرفة في العاصمة وبنغازي.

وفي ظل هذا المشهد السوداوي تحاول الأمم المتحدة جمع طرفي النزاع على طاولة الحوار للخروج من هذه الأزمة العميقة التي تعصف بالبلاد، لكن بعض الأطراف ترفض الدخول في هذا الحوار مع تعويلها على الوصول لأهدافها بالعنف وقوة السلاح.

هنا ينبغي القول إن الحل في ليبيا لن يكون عسكرياً لأسباب عدة أهمها أن العنف والعنف المضاد لن يصنعا دولة ولن يفضيا إلى استقرار أو إلى ديمقراطية حقيقية، فضلاً عن أن المجتمع الليبي هو مجتمع قبلي مما يعني أنه بدون حل يرضي الجميع ومن غير مشاركة سياسية حقيقية لجميع القوى السياسية وفئات المجتمع لن يكون هناك خروج من الأزمة.

مع الوضع الميداني المتأزم حالياً والتطوّر الذي وصل إلى القصف الجوي المتبادل واستهداف المطارات والمرافئ والمنشآت النفطية، فإن ذلك يعني استنزاف البلاد، والجميع سيكون خاسراً والفوضى ستكون سيدة المشهد إلى ما لانهاية.