حين افتُتح متحف المرأة في سوق الذهب بديرة عام 2012، اعتقد البعض أن الأمر يتعلق بالنسويات، مفترضين أن المتحف لا يتجاوز زينتها من ملابس وعطور وذهب، أما في حقيقة الأمر فهو أشبه بمركز ثقافي، يوثق دور المرأة الإماراتية قديماً وحديثاً، وكل ما يتعلق بالدراسات المكتوبة، إضافة إلى صور قديمة نادرة التقطها أهل الإمارات قديماً لعادات اجتماعية تعبيرية لم تعد حاضرة، من صيد ورقصات جماعية، بجانب مواثيق تجارية وعقود أراضٍ ملكيتها تعود لنساء تواجر، وصفقات مبرمة بتاريخ الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، ناهيك عن طابقه العلوي، وثراء جمالي وأدبي مؤثر لنصوص شعرية لفتاة العرب، تغطي جدرانها الدائرية، وخطوات الدهشة مع كلمات باعثة على التأمل.

كم هي رحلة ميدانية مذهلة في استلهام التراث، وهذا لا يعني الوقوع في أسره، بل فرصة استقراء هذا البيت المتحفي، بمساحتها البسيطة، لكن العروض المكثفة التي بها أعدُّها شخصياً خزائن مليئة بالأدب والعلم والفن والتراث، ليس في الماضي فحسب، بل استناداً إلى السالف تأتي المادة المعروضة عن الحاضر وما تقدمه المرأة من علوم وأدب وإبداع إداري وحضور دولي.

البروفيسورة رفيعة غباش، مؤسسة هذا المتحف، هي أستاذة وعالمة في الطب النفسي، وامرأة استثنائية، بتاريخها الحافل بالإنجاز، منذ دراستها في جامعة القاهرة في الستينيات، مروراً برسالة الدكتوراه في جامعة لندن، وتخصص الطب الوبائي، حتى ترؤسها جامعة الخليج العربي في البحرين، إلى مؤلفاتها وموسوعاتها وجوائزها التقديرية، كما لا يفوتني أن أنوه بأنها عالمة لم تتوقف يوماً عن دعم المرأة العالمة مثلها، من خلال تمكينها في منظمات مختلفة، لإيمانها بأن دور المرأة الإماراتية لم يكن يوماً نمطياً بقدر ما كان استثنائياً، في تحديد ثقافتها وتشكيل مجتمعها بجانب الرجل.

بطبيعة الحال هناك متاحف أخرى للمرأة في عالمنا، وكان أول متحف للمرأة تأسس عام 1945 في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن بعده متاحف أخرى للمرأة في أوروبا وغيرها، لكنها قليلة أمام المتاحف العالمية المليئة بلا شك بأسماء الرجال الذين غيروا تاريخ العالم، ناهيك عن كتب التاريخ، إلا أن التفسير الحقيقي أن المرأة كانت بجانب كل رجل في تاريخ البشرية، لكنها لم تُكتب كما كُتب هو، وكم هو الأمر عادل توثيق وإبراز أعمال الرعاية القيّمة التي كانت تقوم بها.