لا شيء يبدو صادماً في أسئلة مثل هذه.. ما هو حال الأدب اليوم؟ ما هو حال الرواية اليوم؟ ما هو حال الشعر في يومنا هذا؟ أسئلة تبدو أيضاً مكررة وشبه يومية، كما تتراءى لك كونيتها، فهي موجودة، نحن نطرحها في منطقتنا العربية، مثلما يطرحها غيرنا شرقاً وغرباً. لكن يظهر البعض أحيانا فيطرح شيئاً كهذا.. هل يترك الشعراء المعاصرون (شعراء الحداثة) هذه الحرفة؟
يعني أماكنهم، أو يترك الروائيون المعاصرون هذه الحرفة؟ أو يدع كتاب الأدب المعاصرون حرفتهم؟ يتركونها كما يرى البعض لأنها أصبحت في حالة «حرجة».
لهجة حادة تلقي بها كاتبة مثل الروائية «روز تريمين» في وجه الأدب المعاصر، وهي تحديداً، تختار منه الشعر. تساؤلات تمس الشعر المعاصر في الوقت الذي تأتي فيه بالمبررات. أحد هذه المبررات أن شعراء الحداثة خالفوا القواعد المتعارف عليها في تأليفهم الشعر باستخدام لغة أخرى تخلط ما بين الشعر والنثر، في حين أن تقنيات منها رش نثار متفرق من الفراغات وتقطيع القصيدة على نحو غير ملتزم بالشكل، تدعوك إلى أن تتمنى شيئاً أفضل من هذا في أسرع وقت ممكن.
من جهة أخرى فإن أحد الأسئلة الموجهة إلى تريمين هو إن كانت ما تزال تتذكر الكثير عن الحداثة! فالحداثيون كانوا ومنذ بداياتهم في حوالي القرن التاسع عشر، قد تناسوا القواعد التقليدية للشعر، وبالفعل فنحن لا نزال نتذكر شعراء كباراً جاءوا بعد هذا القرن ولحقوا بهم، هم شعراء القرن العشرين، هذه الكوكبة التي كان من بينها «ت.س. إليوت» بقصيدته الشهيرة «الأرض اليباب».
شعر، رواية، قصة أو أي شكل إبداعي آخر، هي بالتأكيد خاضعة للتجديد. التجديد في حد ذاته لا يعني الفوضى أو انعدام الوعي بقدر ما يعني الفرز، فزمنياً وكونياً هناك آلة تعمل بموضوعية، قابلة للسير والتحرك إلى الأمام، وإن استغرقت العملية قروناً.
وفي حين أنك لا تزال تذكر ما فعله شعر السياب فإنه لا يمكنك أن تنسى، أبياتاً من قصيدة رائعة بحق كتبها أحد شعراء الحداثة الذين يعيشون بيننا، في عصر السوشيال ميديا والإبداع المهووس بها إلى حد الخروج عن القاعدة.