هل يرمي النسوية وراء ظهره؟ أعني هل يرمي القرن الواحد والعشرون هذا المصطلح في سلة المهملات، فمنذ أن فتحنا أعيننا عليه، لم يشهد عالمنا جدلاً عقيماً بشأنه، كما هو اليوم، ولم تعد المسألة مسألة مجتمعات، بقدر ما هي مسألة أفراد، كلٌ يتبنى وجهة نظر شخصية. المضحك أن يصبح لهذا المصطلح الشبح أعداء أكثر من المؤيدين، حالة تحملك على أن تتصور مسرحية استمر عرضها لسنوات طويلة من القرن التاسع عشر، إلى تسعينيات القرن العشرين، وآن لها أن تتوقف!

وبينما يجتهد البعض في الحفاظ عليها، يأتي من يريد التخلص منها، على طريقة القرن الواحد والعشرين، التخلص من الكوابيس المزعجة، فلا الغربية ولا الشرقية تدق نواقيس الخطر، لتنبه إلى خطورة الأوضاع التي تواجه المجتمع، نتيجة المشكلات التي تواجهها المرأة.

هذا الكابوس، من الممكن حتى أن تعثر عليه في قصص قصيرة، أخبار قصيرة، تطالعك وأنت تتتبع أحوال المجتمعات في المجلات والصحف، لتدرك أنك تعيش في هذا القرن، الذي ربما لم يعد بحاجة إلى ذاكرة نسوية. قد تبكين أو تضحكين وأنت تقرئين ما يحدث حول العالم لهذه الذاكرة، ولا تتمنين أن يحدث مثلها في مجتمعاتنا البسيطة الهادئة.

ولأننا نساء، ونحب الخوض في أخبار هذه وتلك، فقد وجدتني أتأثر كثيراً بما حدث في بريطانيا، للذاكرة النسوية للمرأة البريطانية. هذه الذاكرة التي كانت مهددة، بسبب خطط التطوير والتحديث التي طالت مؤخراً «مكتبة لندن النسوية» التاريخية، واستلزمت تغيير موقعها، الأمر الذي تطلّب أموالاً طائلة لنقلها إلى مكان آخر، تماشياً مع خطط التحديث.

مكتبة لندن النسوية، تأسست في سنة 1975، تزامناً مع الموجة الثانية من حركة المطالبة بحقوق المرأة هناك، ويحتوي أرشيفها على مجموعة كبيرة من الكتب النادرة في أدب المرأة وتاريخ النسوية، وهي واحدة من ثلاث مكتبات تحتوي على وثائق في غاية الأهمية، غير أنها مؤسسة تعتمد مالياً على مساهمات المتبرعين.

أختكم سر خاطرها أن المئات من هؤلاء المتبرعين، جمعوا آلاف الجنيهات، لإنقاذ المكتبة من التهديد بالإغلاق، ونقلوها إلى مقر جديد. ومع ذلك، يبقى السؤال عن ذاكرة القرن العشرين النسوية، وما قبلها: هل ترمى في سلة مهملات القرن الواحد والعشرين؟.