من المصطلحات القديمة الموجودة في أدبياتنا إلى اليوم «الأهل». هل يبقى على حاله؟ لم أجد لسؤال صديقتي جواباً يصلح لشيء يشبه اليوم العملة بوجهين. فعندنا، في مجتمعاتنا العربية يفتح الإنسان عينه على كلمات مثل الأسرة والأهل، ويعي جيداً هذه المصطلحات، فمفهوم الأهل يشمل الناس المقربين ومنهم أسرته الصغيرة التي تعني له الأمان والعزوة لأن من طبيعة الإنسان أن يعيش في جماعة من دمه ولحمه وتفكيره بشكل أو آخر. والأسرة ذات الشيء لكن هذا المفهوم يحمل خصوصية أكبر، خاصة في مسائل التعاطي بين أفرادها من الأم إلى الأب إلى الأخ إلى الأخت، وهو تصور تقليدي قد يقول البعض إننا لا ينبغي أن نستمر عليه بحذافيره في هذا الزمان.
قد تجد نفسك على مفترق طرق أمام مفاهيم ومصطلحات كثيرة من هذا النوع تبحث عنها فقط لترى أن المرحلة قد تغيرت وأن الزمن لم يعد يحتمل منظر تلك الأم أو الجدة أو واحدة من الأهل أو حتى الجارة، التي نأخذها من أدبياتنا القديمة، وهي تجلس بـ«شيلتها» تلف الجزء الأكبر من وجهها، تلك الجلسة المعروفة وتلوح بيدها لتقول بحنان أن الكبير يحن على الصغير والصغير يحترم الكبير، تلك قوانين وضعوها بأنفسهم تحكم العلاقة بين الأهل.
لكن الغريب في الأمر أننا نرى اليوم من سلوكيات هذه المنظومة، خاصة داخل الأسرة، من الأبناء أو الأم أو الأب من لا يتقيد بهذه الحكمة القديمة ليصل به الأمر إلى الجهل بدوره الاجتماعي، فيبالغ أحد الوالدين في حماية أبنائه أو لا يسمح لهم بحرية التفكير ولا التعبير عن رأيهم، ولا يعرف كيف يحتوي مشاعرهم، أو يتيح لهم فرصة التدرب على الحياة بحلوها ومرها، فيصبح لديهم إنسان مقرب، ومنا من لا يجيد التعامل مع مشكلات أبنائه النفسية والعقلية، ليفكر هؤلاء بطريقة - لا تعرف كيف - يسعى إلى التمرد على مثل هذه الضغوط، وهنا أكره هذه المنظومة بكل ما تعنيه أو تحتوي عليه من «زين وشين» دون أن يعي مثلاً هذا السؤال.. ومن أين تأتي بالأهل؟ من الغرباء.