ربما سألت نفسك ذات يوم: هل ستختفي المكتبة التقليدية ذات الكتاب الورقي من بيتك؟ الواقع أن مكتبات البيوت الشخصية التقليدية صناعة قديمة ظهرت عندنا بشكل أكثر تنظيماً في سبعينيات القرن العشرين على يد طلاب المدارس في الغالب وشريحة من المتعلمين.
ومن منا لا يتذكر مكتبته الصغيرة التي كانت تحتوي في أغلبها على الروايات، من الأدب العربي من لبنان ومصر إلى الأدب الروسي وبعض الأعمال المترجمة عن لغات أخرى أهمها الإنجليزية والقليل جداً عن الفرنسية.
مكتباتنا المنزلية كانت ورقية وكان الكل يستمتع بملمس الكتاب ومنظره على الرفوف الخشبية أو الحديدية الموضوعة في ركن ما وفي مكان ما كالمجلس مثلاً، ومن بين الكم كتاب، تطالعك زهرية صغيرة بالورد أو من دونه لتنعش الجو.
الجو لم يبقَ على حاله في الثمانينيات بقدوم معارض الكتب، معرض الشارقة للكتاب، ومعرض أبوظبي للكتاب، ما غيّر وجه هذه المكتبات الصغيرة لتمتلئ بالكتب من كل حدب وصوب، وبدلاً من ذلك الكتاب الذي كنت تحصل عليه بصعوبة من صديق أو مسافر عائد من مصر أو لبنان أو بريطانيا أحياناً، صرت تحصل على هذه الكتب من أنحاء مختلفة من العالم لا سيما العربي، ولم تعد الرواية ولا حتى الشعر سيد الموقف أمام تلك التشكيلة من الكتب ذات الموضوعات المختلفة التي تلبي الحاجة إلى المعرفة، التي كنت تكدّسها على الأرفف، ممنياً نفسك بقراءتها ولو بعد دهر، وربما تذكّر أحدنا أنه لم يعد يجد مكاناً لكتب أخرى في بيته، وإلى هنا ومكتبة المنزل لا تزال ورقية.
اليوم، في عصر التكنولوجيا والكمبيوتر يأتي الكتاب الإلكتروني وغيره من الاختراعات الجديدة، لكي تتسلل شيئاً فشيئاً إلى هذه القلعة الحصينة من الورق وتأخذ حيزاً منها، ليصبح سؤالك: هل تتحول مكتباتنا المنزلية شيئاً فشيئاً إلى مكتبات رقمية بعد حين، وهل يقبل الساحر الورقي بالتنحي؟