نتساءل كما تتساءل شاعرة عملت معلمة فترة طويلة، وأتت أخيراً لتعرض علينا تجربة «فريدة»، حول ما إن كان الاشتغال على الفن بما فيه الأدب سيعيد التوازن إلى حياتنا في مجتمعات اليوم؟ التجربة يبدو أنها مستمرة، لكن ولأننا من أجيال استفادت كثيراً مما كان يطلق عليه في المدارس قديماً حصص النشاط، ومنها مجموعات الإبداع بكل أشكاله، فنحن نتأثر صراحة بما يحدث من تغيرات في مدرسة اليوم، ونبحث عمّن يساعدنا على فهم المستجدات، ومنها ما يقول لا تضيّع وقتك في تدريس الإبداع، فهدفك في النهاية هو الامتحان في المواد الأساسية! والنهاية، لا أحد يخالف مثل هذه المقولة لأنه يعيش واقعاً يتطلب الإقلال من الأمور غير الملحة، مقابل الأمور التي تعني إنتاجاً مادياً!
تجربة هذه المعلمة في تدريس الشعر كمادة أساسية في إحدى المدارس الأجنبية وإقبال الدارسين، واقتناع الآباء، وإعادة الثقة لدى الطلاب بأنفسهم كممارسين ومبدعين للشعر وكأصوات مسموعة، بما في ذلك استمرار حصولهم على الجوائز، هذه التجربة تكاد بالنسبة لنا أن تقلب الموازين، لأن صاحبتها استطاعت أن تثبت في النهاية وبعد 30 سنة من العمل في مجال التدريس، أن الإبداع بكل أشكاله، من الرسم إلى كتابة الشعر والقصة والقراءة، إلى ممارسة الألعاب الرياضية والرقص، إلى الموسيقى، هو ضرورة للمنجز المعرفي، هو روحه التي تمنحه آلية التحرك عوضاً عن الجمود وضيق الأفق.
مهما كانت مساحة هذه التجربة أو بعدها عنها في المكان، تتمنى أن يظل هذا المشروع وغيره من المشاريع والتجارب المدرسية مستمراً، فأهميته الكبرى تكمن في إلقائه الضوء على سؤال.. ما معنى المدرسة؟ وإن كانت مسؤولة عنا، وعما نحتاج إليه لفهم المزيد عن حياتنا الإنسانية التي لا توازن فيها بلا إبداع.