«كان ياما كان في قديم الزمان»، و«يحكى أن»، و«هاذاك واحد»، لم نعد نستمع إلى عبارات كهذه برحيل أصحابها أو مرور الوقت، غير أنها ما إن تمر بالقرب من أذنك، حتى يكون لها مفعول السحر، وإن كانت تفصلك عنها كل هذه السنوات الضوئية. عن افتتاحية الحكاية الشعبية أو «الخروفة» باللهجة الإماراتية، يتحدث تقرير بسيط، ما إن تقرأه حتى تشعر بأن الخروفة لا تموت، وأن لها بالفعل تلك المتعة والتشويق، اللذين تكاد تفتقدهما اليوم قصص الأطفال.

الافتتاحية جزء بسيط من الحكاية الشعبية، لكنه عنصر مهم من عناصر القص، وهي في نظر المؤلفة، عنصر أكثر جاذبية، لو تصورنا تعدد اللغات والثقافات، من بلداننا العربية، إلى «كوريا وألمانيا إلى نيجيريا»، تقول الكاتبة، لكل ثقافة عبارات وجمل لها نكهتها، تبدأ بها الحكاية، لتستقر في الأذهان والمشاعر.

ومثلما كانت تدغدغ مشاعرك عبارة أمك أو جدتك الافتتاحية، وتستولي على انتباهك، وهي تهيئك لسماع حكاية «البديحة» أو «أم الدويس»، تبدأ الأم أو الجدة في إحدى مناطق «الهند»، سرد حكايتها بعبارة «حسبما قيل وقيل وقيل وقيل»، وفي منطقة أخرى بلغة أخرى «هذه حكاية لم تحدث إلا في هذا المكان»، وفي إحدى مناطق «إسبانيا» تقول «في قديم الزمان، وفي إحدى زوايا الأرض، حيث كان لكل البشر أنوف»، أو تبدأ الحكاية بهذه العبارة «في قديم الزمان، عندما كانت الوحوش تتكلم، وكان البشر صامتون»، هذا عدا عن بعض مناطق «الكاريبي»، حيث يقول الراوي «أنا أقول كريك»، فيرد المتلقي «وأنا أقول كراك».

الحكاية الشعبية وسحر الافتتاحية، نموذج لما كانت عليه عناصر ذات علاقة بفنيات وجماليات القص، وهي مما يمكن الاستفادة منه في قصص الأطفال على وجه الخصوص.