أغلب من يقرأ مقالي هذا، كان له رأي في فترة معينة من الزمن، ثم غيّر رأيه بمرور الوقت، بكل بساطة. من الطبيعي أن يغير الإنسان رأيه وأفكاره حول موضوع ما، فالطريقة التي نفكر بها في فترة المراهقة، تختلف عن طريقة تفكيرنا في فترة الشباب، وكذلك الطريقة التي نرى فيها الأمور في فترة النضج، ستختلف مع مرور الزمن، عندما نصبح أكبر سناً.
على سبيل المثال، الطريقة التي يفكر بها ستيف من الأصل البولندي، تختلف عن الطريقة التي يستنتج بها سيف، الذي ولد في الجزائر آراءه. المرحلة العمرية، مستوانا التعليمي والثقافي، البيئة التي نشأنا فيها أو عشنا فيها لفترة من الوقت، وغيرها من العوامل الكثيرة، تؤثر في الأسلوب الذي نفكر به، ونستنتج به آراءنا.
المشكلة تكمن عندما يظن البعض أن آراءنا وأفكارنا حول شيء ما، يجب أن تظل ثابتة معنا أبداً ما حيينا، وهذا طبعاً غير صحيح. نحن بحاجة إلى قضاء الكثير من الوقت، في إعادة التفكير في آرائنا حول الأشياء، بنفس معدل الوقت الذي نستغرقه في عملية التفكير نفسه. هذا تماماً ما وصفه الكاتب الأمريكي آدم جرانت، في كتابه «إعادة التفكير: قوة معرفة ما لا تعرفه».
يشرح جرانت في كتابه، أن العباقرة والمبدعين لا يرتبطون بالضرورة بفكرة معينة، وأنهم على استعداد دائم لإعادة التفكير في مواقفهم وآرائهم، وتبديلها متى ما دعت الحاجة لذلك. إن عدم مراجعتنا لآرائنا والتشكيك فيها في بعض الأحيان، قد يقودنا إلى الخمول الفكري، وإلى تفضيل طريقة التفكير القديمة، على إعادة النظر وتحديث وجهات نظرنا وآرائنا.
ماذا لو أدركنا أن تغيير آرائنا في بعض الأحيان، لا ينتقص منا، ولا يجعلنا بالضرورة متناقضين، بل يعني أننا في مرحلة حياتية مختلفة، وأننا مستعدون للتعلم والمراجعة؟ ماذا لو كنا أكثر انفتاحاً، وأكثر سعة لمراجعة آرائنا، ومتقبلين فكرة الانفتاح على الآراء الأخرى؟