أحد أهم المواضيع التي يجب على الباحث العلمي دراستها وفهمها جيداً موضوع التحيز والمحاباة في الطرح العلمي. ما يميز الأبحاث والدراسات العلمية خصوصاً المحكم منها عن غيرها من الكتابات والتقارير، الإجراءات المنهجية والموضوعية التي يجب أن تكون في الحسبان.
تساعد المعايير العلمية الباحثين على التأكد وخلو الإجراءات من أي تحيز أو محاباة سواءً بقصد أو بدون قصد، والذي من شأنه أن يؤثر على النتائج والمخرجات النهائية للبحث العلمي.
في الأبحاث العلمية على سبيل المثال يحتاج الباحث لجمع البيانات الضرورية من مصادرها الرئيسية باتباع منهجية علمية واضحة ورصينة لتحليلها والخروج بنتائج وتوصيات مع ضرورة ذكر المراجع. أما في الدراسات يقوم الباحث بعملية استقصائية لسد فجوة، أو حل مشكلة، أو الإجابة عن أسئلة بمنهجية فضفاضة مقارنة بالبحث العلمي.
بغض النظر إذا كان الباحث يجري بحثاً أو دراسة، وجب عليه تجنب التحيز في المنهجية أو تقليلها إلى الحد الأدنى لمعاينة المشكلة كما هي وليس كما يراها هو، لأن الموضوعية والحيادية من شأنها أن تؤدي للحصول على نتائج أفضل علمياً وأقرب للحقيقة. التحيز الإدراكي ليس مهماً للباحث فقط، بل هو مهم لكل شخص يريد أن يتخذ قراراً في حياته ولو كان بسيطاً. فكلما ابتعدنا عن التحيز والانتقائية، كلما كانت قراراتنا أكثر موضوعية ومنطقية ولها أثر في الواقع. أحد الكتب التي وجدتها تنتقد طريقة تفكيرنا العشوائي وغياب المنهجية في التفكير هو كتاب «الإلمام بالحقيقة» لكاتبه هانس روساينغ.
يعري الكاتب في نقده الطريقة التي نفكر بها ويؤكد على ضرورة اختبار أفكارنا ولزوم التقصي والنظر فيها من زوايا عدة لكي نحصل على فهم أدق للموضوع الذي ننظر فيه.
ماذا لو كنا أكثر شجاعة في الاعتراف بمحدودية تفكيرنا وبقينا منفتحين لفهم تحيزاتنا الإدراكية؟ ماذا لو تداركنا نقاطنا العمياء وكنا أكثر حيادية وموضوعية في اتخاذ قراراتنا ولو كانت بسيطة؟