كافكا

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل من قرأ فرانز كافكا، لم يستطع التوقف عن قراءته مجدداً، بسبب أسلوبه الوجودي وتعبيراته المختلفة، وهو يُعد حتى يومنا هذا من أكثر الأدباء تأثيراً في الأدب العالمي.

حيث لاحق نصوصه أغلب الأدباء من بعده، أولهم خورخي بورخيس وصديقه غابرييل غارسيا ماركيز، ومعظم الأسماء الأدبية اللاحقة، فحين نقول كافكا فإن اسمه هنا يشير إلى أنه قاص وروائي، لكن اسمه بات مصطلحاً يستخدم بشكل شائع في العالم كله، للإشارة إلى بعض المواقف المؤلمة، ونعني بالألم هنا الذي أصاب شخصياته في أعماله، ثم أصابه هو.

والعميق في الأمر إصابته بما يصيب كل من يعيش الصدق بمنتهاه في عالم يكثر فيه الكذب بمنتهاه أيضاً، شاعراً بالإحباط الشديد، فقرر تأكيداً أنه لا شيء، (أنا لا شيء)، ولعله يقارب قول المؤلفين الأوائل في الشرق حين كانوا يكتبون في خاتمة كتبهم، أنا الذليل إلى الله، أو أنا العبد الفقير، أو المبتلى.. إلى آخره، ثم يضع اسمه كونه المؤلف.

تعب «كافكا» ممن حوله، ووجد في كل ما كتبه اللا شيء، وأخذ يتساءل حول نفسه: كيف أصبحت الشخص الذي أنا هو؟ هل أنا نفسي فعلاً؟ أم صنع مني الآخرون الشخص الذي أنا هو؟ وحين شعر بأن الخوف هو الذي ينبض في جسده لا قلبه بدأ يفكر في الرحيل، والنتيجة أنه أوصى بعد مرضه بحرق كل أعماله، وبالفعل تم حرق جميع أعماله.

ولأن الصديق العظيم قل من يحظى به أحد، فمن حسن حظ القراء ظهور صديقه ماكس برود، الذي تجاهل الوصية والجميع، متخذاً قراراً بنشر أعماله، فكل أعماله في حوزته وحتى قصصه غير المكتملة، من ضمنها أول كتاب نشره كافكا «تأمل»، إذ يضم مجموعة قصصية، تحتوي على 18 قصة، كما طبع دفاتره الثلاثة عشر، التي كانت تشكل مذكراته كونها وثيقة استثنائية للتعرف على شخصيته الغامضة، بالإضافة إلى مؤلفته «مسخ» العظيمة... وكل ما كتب.

ونلاحظ كيف أن البدايات ليست كالنهايات فكافكا كان يؤكد أنه سيكتب رغم كل شيء، للمحافظة على الذات... إلى قوله: كيف أصبحت الشخص الذي أنا هو؟

وبين القولين: كم تغير كافكا !

Email