المنهج الموسيقي في المدرسة، كيف يجب أن يكون يا ترى؟ وكيف تُنَمّي الموسيقى والوتريات ذائقة الطفل، وسلوكه وتربيته وحب الوطن؟ بلا شك أنها تأتي من خلال الأغاني الوطنية والاجتماعية والتوجيهية والتربوية التي يكتبها كبار المؤلفين، ليتلوها التلاميذ كل صباح، ويتغنون بها عزفاً، فمع العزف والترنيم، تتخذ الحروف مسارها إلى التوجيه الحسي، وتصبح المفردات أجمل، لتزين معانيها احترام الوالدين وكبار السن، وتعزز السلوك السويّ، ويُرَغّب بالحفاظ على البيئة وتقدير الأشجار، وتحث على حب الوطن والدفاع عنه... ذلك المنهج بأنغامه التي تتماشى مع المراحل العمرية، وتخفف القلق والتوتر، من خلال المتخصصين الموسيقيين الذين يُمَكّنُونَ الدروس من الروضة إلى الثانوية، فلكل مرحلة استيعابها، وأناشيدها الخاصة المغذية لفكر الطلبة، والمتنفس لهم بين الدروس ليتعلقوا بها من أجل استيعاب أسرع وأفضل.

الموسيقى تربية، والأسئلة التي يطرحها الإنسان حولها، تأتي معها بحوارات تعمل على تعزيز الأفكار الجديدة والجيدة، وتؤسس الإبداع وتجدد الجمال وتعظم الخيال... فإن كانت لكل مدرسة فرقة موسيقية تبدأ الصباح بالعزف والإنشاد الوطني، للتعريف بمعاني الأرض من خلال الكلمة والنغم منذ بواكير الطفولة، بجانب فريق الإذاعة التي تقرأ نشرة الأخبار المدرسية، وفريق الرحلات التي تقرر أمكنة الزيارة، وفريق الصحافة بإرسالهم التقارير عبر إيميلات الطلاب، من صور الرحلات إلى التوجيهات الإدارية والقوانين الجديدة والعقوبات والإرشادات... هنا تصبح المدرسة وطناً صغيراً.

إذاً لا مجال إلى إلغاء التربية الموسيقية، وهي المسؤولة عن تنمية الطفل الحسية تنمية صحيحة منذ الترنيمة الأولى، لا مجال لغياب المنهج الموسيقي، لأنه غياب معرفي للمقامات العربية الأصيلة لدى طلاب المدارس والأجيال القادمة، فالمنهج الموسيقي يوفر أدوات موسيقية للطلاب خلال دراسته، تزوده بقراءة النوتة والعزف في آن؟ المنهج الموسيقي يجعله يميز بين عزف الآلات الكهربائية، والآلات الوترية، وكيف يجعل من الصخب تغريدة.

وأخيراً غياب المنهج الموسيقي لن يجعل الجيل الجديد مواكباً لعصر الموسيقى الخلاق، أما بحضوره فنخلق موسيقيين مثقفين ومبتكرين ينمون بوعي، ويستشعرون الترنيمة والكلمة والمعنى، لتبقى الأنغام الموسيقية معززة لفتنة اللغة، وإدراك الكلمة، التي تجعل من الوطن إحساساً وأنموذجاً للذوق والفرح.