إلى وقت قريب كان يعتقد العلماء أن أدمغتنا نحن البشر لا تتغير بشكل كبير بعد انتهائنا من مرحلة الطفولة، بمعنى آخر أن أدمغتنا تصبح ثابتة إلى حد ما من ناحية الكفاءة والفعالية حينما نصبح بالغين وأكبر سناً.

ولكن اكتُشف أن هذا الفهم غير دقيق وأن لأدمغتنا القدرة على التجدد وصوغ مسارات عصبية جديدة متى ما أدركنا نحن ذلك.

وبشكل عام حينما نقوم بأي نشاط، تقوم الخلايا العصبية بنقل رسائلها من خلية إلى أخرى في مسارات معينة، وحينما نكرر المهام والأنشطة والهوايات نفسها مرة بعد أخرى فإننا نقوم بتقوية هذه المسارات بصورة تلقائية وتشكيل مسارات واضحة تألفها أدمغتنا وتصبح جزءاً لا يتجزأ من عاداتنا المستحدثة.

بعد فترة ينعكس ذلك على طريقة تفكيرنا وشعورنا، ويصنع في نهاية المطاف هويتنا الجديدة. الفكرة تكمن أنه حينما نختار التوقف عن عادة قديمة والبدء بممارسة عادة جديدة، لدى أدمغتنا قدرة غير عادية على نحت مسارات حديثة تختلف عن المسارات السابقة؛ فحينما نقوم بالتركيز الواعي على ما نود القيام به وتجاهل ما نود تركه، فإننا نسمح لأدمغتنا بتقوية هذه المسارات العصبية الجديدة وإضعاف المسارات القديمة.

وقد يُعد هذا الخبر ساراً لكثير من الأشخاص الذين يظنون أنهم لا يستطيعون تغيير عاداتهم القديمة في أعمار متقدمة، وهذا ما تظهره الدراسات الحديثة، أن لأدمغتنا القدرة على التعلم والتغيير وبرمجة مسارات عصبية جديدة عبر العمل الواعي والمكرر والموجه، في تغيير عاداتنا القديمة غير المرغوب فيها والاستبدال بها عادات جديدة محببة.

تقوم الكاتبة ايميلي جولمان بطرح عدة أمثلة في كتابها «المرونة العصبية» على ذلك، وأنه يمكن إعادة برمجة أدمغتنا للتخلص من القلق والاكتئاب والصدمات النفسية وتحسين ذاكرتنا أيضاً.

ماذا لو لم نتخذ العمر المتقدم حجة على تغيير بعض السلوكيات السلبية التي نود التخلص منها؟ ماذا لو أدركنا أن العادات المتكررة والموجهة، يمكنها إعادة برمجة أدمغتنا للحصول على سلوكيات إيجابية وأكثر فاعلية؟