من أجمل المشاعر التي قد تمر على الإنسان شعور الفوز ولذة الانتصار الذي يمكن أن يحققه في مجالات الحياة المختلفة. تميل أنفسنا البشرية للبحث عن الفوز، ولكن يغيب عن أذهاننا في كثير من الأحيان أن الفوز لا يساوي بالضرورة النجاح.
بلا شك فالفوز يبدو ممتعاً وخصوصاً إذا رافقته الجوائز والشهادات والبطولات المسطّرة، ولكن كل ذلك يمكن أن يكون على حساب أشياء أخرى، قد يسبب فيها الفوز أضراراً مشاعرية أو نفسية أو جسدية. قد يفوز الطالب بأعلى الدرجات في المدرسة، ولكنه قد يخسر شغفه ومستقبله بسبب خوفه من والديه اللذين يجبرانه على دراسة تخصص معين في المرحلة الجامعية.
وقد يفوز الرياضي بالجوائز على أقرانه الرياضيين، ولكنه سيخسرهم بلا شك إذا كانت منافسته معهم غير شريفة، وقس على ذلك الصور المختلفة من الفوز الذي يحتم على طرف من الأطراف الخروج منكسراً أو محملاً بالأضرار. كثير منا يخلط معنى الفوز بالنجاح، خصوصاً عندما يجعل الفوز الخيار الوحيد بأي ثمن كان، ومن المؤسف أن مفهوم الفوز الخالي من النجاح واسع الانتشار في أيامنا هذه.
ما يحدث هو أننا نركز على النتيجة وننسى ما يحدث إلى أن نصل إلى النتيجة وما يليها من عواقب. الفوز ليس مقياساً أبداً للنجاح، لذلك من المهم إعادة تعريف النجاح وفهمه بشكل أفضل بناءً على أولويتنا وفصله تماماً عن الفوز، لأن النجاح قد يعني الفوز وقد يعني الخسارة خاصة إذا كانت الخسارة هي الأسلم للنفس وللروح وللجسد على المدى الطويل.
ماذا لو أدركنا أن تعريف النجاح يختلف من شخص لآخر، وهو ما نختاره لأنفسنا لتحقيق أعلى درجات الرضا والسعادة مع بذلنا قصارى جهدنا لتحقيق ما نود تحقيقه؟ ماذا لو أدركنا أن النجاح هو أن نتعلم من الآخرين لا لنكون أفضل منهم بل لنكون أفضل نسخة من أنفسنا؟ ماذا لو أدركنا أن الفوز على حساب الآخرين سيحتم وجود خاسر في النهاية؟