لا أدري ما هو الرابط بين الإبداع وبين بعض التجارب المؤلمة. بعض الأشخاص الذين تعرضوا للألم أو الحرمان في فترات مختلفة من حياتهم، تزهر التجارب المؤلمة في أذهانهم وتتحول إلى حدائق من الإبداع يفوح شذاها على محيطهم الخارجي.

السؤال هنا، هل يؤدي الألم في فترة معينة إلى إخراج ملكات الإبداع والتميز المغايرة لما هو سائد؟ بالتأكيد لا نستطيع تعميم هذه التجربة على الجميع. ولكن هنالك عدد لا بأس به من المبدعين من الذين حولوا حفر الألم في نفوسهم إلى نقوش على جدران التاريخ.

علنا نستشهد هنا بإبراهام لينكولن، حيث لم تمنعه إخفاقاته وفقده لأكثر من وظيفة، فضلاً عن مروره بالاكتئاب وبانهيار عصبي في مراحل حياته المختلفة أن يضرب لنا مثالاً في قيادة بلده في أصعب الفترات والعبور بها بعد الحرب الأهلية الأمريكية لبر الأمان.

وعلنا نضرب مثلاً آخر للراحلة هيلين كيلر حيث لم يوقفها عماها وفقدانها للسمع عن مواصلة تعليمها وإنتاجها لعشرات من الكتب والمقالات والخطب تدافع فيها عن أصحاب الهمم وحقوق المرأة والعمال.

في الحقيقة لا يسعنا في هذا المقال أن نذكر أسماء كثيرة ممن استطاعوا تجاوز الألم والإخفاقات عبر التاريخ وحتى في يومنا هذا وتمكنوا من تقديم معانٍ مبهرة للإبداع.

من ناحية أخرى، قد لا يكون سهلاً علينا أيضاً أن نقارن حياة الأشخاص ببعضهم في الألم والمعاناة، حيث تتداخل العديد من العوامل مثل درجة تحمل الألم من قبل الشخص نفسه، وغيرها من العوامل المعقدة، مما يجعل الأشخاص لا يتساوون في نقطة الانطلاق، حيث تشتعل لدى البعض شرارة الإبداع وتتوهج، في حين تخمد لدى آخرين.

ماذا لو أدركنا أن جميعنا وبلا استثناء أكثر إبداعاً وموهبة مما نتصور؟ ماذا لو بادرنا باكتشاف إبداعنا غير منتظرين للألم أو الفقد أن يقطعا طريقنا؟ ماذا لو سمحنا لنور إبداعنا أن يشع وأن يلهم الآخرين لنساهم جميعاً في تغيير العالم للأفضل كل حسب إبداعه؟