ظهرت حركة التصنيف، وظهر معها «فَنُّ الترجمة والتأليف»، فترجمت لأقطاب العظماء، من القادة والنبلاء، والساسة، والأمراء، ومشاهير العلماء، والشعراء.
فأول ما ظهر منها السيرة النبوية العطرة «سيرة ابن إسحاق»، ثم كتاب «الفهرست» لابن النديم، ثم اتسع هذا الفن، فظهرت الموسوعات الكبيرة، مثل «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي (ت 463 هـ)، ترجم فيه لمئات الأعلام، ثم «وفيات الأعيان» للقاضي ابن خَلِّكان المؤرخ الحجة، والأديب الألمعي، وكتابه أشهر كتب التراجم وأحسنها ضبطاً وإحكاماً، فيه أكثر من ثمانمئة ترجمة لأعلام المسلمين، وفيها تراجم ضافية اتسمت بتحقيق الأسماء، وتدقيق التواريخ، فكان بحق أول مؤرخ عربي، جعل الترجمة فناً مستقلاً، وما زال كتابه يحظى بكل تقدير واحترام.
ثم ظهرت موسوعات خصت كل عصر ومصر بأعيانه، مثل: «أعيان العصر وأعوان النصر» للصفدي (ت 764 هـ)، وله أيضاً «الوافي بالوفيات»، ترجم فيه الأعلام من سائر الطوائف والأقوام، منذ فجر الإسلام إلى عصره، وقد جاء ابن تَغْري بِرْدِي (ت 874 هـ) بالمنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي...
ومختصره «الدليل الشافي على المنهل الصافي»، أكمل بهما الوافي للصفدي، منذ منتصف القرن السابع إلى عصره، ثم اتصلت معاجم الترجمة، ولكن اختص كل معجم بقرنه، وأولها «الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة» للعسقلاني (ت 852 هـ)، ثم «الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع» للسخاوي (ت 902 هـ).
وهو من أنفسها من الناحية النقدية، ثم «الكواكب السائرة بمناقب أعيان المئة العاشرة»، للغزي (ت 1061 هـ)، ثم «خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر» للمُحِبِّي (ت 1111 هـ)، ثم «سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر» للمرادي (ت 1206 هـ)، ثم جاء الجَبَرْتي (ت 1237 هـ)، ليصل السلسلة، بتأريخه للحملة الفرنسية، وللقرن (الـ 12)، وأوائل القرن (13)، ثم جاء علي مبارك (ت 1893 م) بـ «الخطط التوفيقية»، ثم أحمد تيمور (ت 1930 م)، فترجم لبعض أعيان مصر في القرن (الـ 14).
ثم جاء الزركلي بكتابه «الأعلام»، أحد الكتب العشرة التي يفاخر بها هذا القرنُ القرونَ السابقات، كما قال الطنطاوي.
اقرأ أيضاً: