ماذا لو.. كنا سفراء في أسفارنا؟

يعود مفهوم القوة الناعمة إلى أستاذ العلوم السياسة بجامعة هارفرد جوزيف ناي، حيث عرّفها بأنها القدرة على التأثير والإقناع دون إكراه، وأنها وسيلة يمكن استخدامها لتحقيق الأهداف دون حروب أو تدمير أو صراعات. إن صح التعبير، فهي القدرة على الحصول على ما نريد بذكاء دون إكراه.

بهذا التعريف نستطيع أن نفهم أن القوة الناعمة هي أداة مهمة وأكثر استخداماً في عصرنا الحديث من القوة الصلبة. في ضوء ما سبق، يمكننا تصنيف الثقافة والفن والسياحة والرياضة وغيرها من الأمثلة كأدوات للقوة الناعمة، خصوصاً إذا وظّفت بالشكل الصحيح في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.

ولنا في الابتعاث مثال، حيث يمكننا اعتبار أن الطلاب المبتعثين للدراسة في المؤسسات التعليمية في الدول الأجنبية جيوشاً وسفراء غير رسميين لدولهم. من تجربتي الشخصية، أرى أن وزن الطالب المبتعث في الجامعات الأجنبية لا يقل أهمية عن وزن سفير في الدولة نفسها، لسبب بسيط وهي السمعة والتأثير الذي يتركه الطالب بين زملائه وأساتذته والمجتمع الذي يتعاطى معه بشكل يومي.

أذكر حديثي مع أحد أساتذتي أثناء فترة الابتعاث في الولايات المتحدة والذي مازالت تربطني به علاقة جيدة وسؤاله لي عن الأمن والسلامة في إحدى الدول العربية لحضور دعوة تلقاها للتعاون ولكنه أبدى التردد. أكدّت له بأن الدولة تتميز بأمان واستقرار عاليين نسبياً مقارنة بغيرها من الدول.

مازلت أذكر رده لي باعتباري من الأشخاص الذين غيروا نظرته عن الإسلام والعالم العربي وأنني أحد أفضل أصدقائه المسلمين. لا أخفيكم حقيقة ظهور جميع أسناني في ابتسامة وشعوري بالانتصار في الفوز بلقب المبعوث السامي للعالم العربي في تلك اللحظة.

ماذا لو أدركنا بأن كل من يسافر لدولة أخرى يعد مبعوثاً سامياً لوطنه وللبيئة التي شكلت هويته؟ ماذا لو أدركنا بأن الآخرين سيقومون بوضعنا ضمن إطار وتصور ذهني مسبق شئنا أم أبينا، ما لم نكن واعين في وضع أنفسنا في الإطار الإيجابي الذي نوده لنا ولأوطاننا؟