في أواخر القرن السادس وأوائل القرن السابع نشأ إخوة ثلاثة؛ كانوا من أبرز العلماء، وأشهر الأدباء في تراثنا العربي الإسلامي؛ محدثٌ، ومؤرخٌ، ولغويٌّ أديب.
والدهم؛ هو أثير الدين الشيباني الجزري.
قال صاحب مفتاح السعادة: «وكانوا كلهم فضلاء، نجباء، رؤساء، وقلما يتفق إخوة مثل هؤلاء».
ومِن لطيف ما قِيلَ فيهم:
وَبنُـو الأَثِيرِ ثلاثـةٌ قد حازَ كلٌّ مُفْتَخَـرْ
فمُؤَرِّخٌ جَمَع العُلُـو مَ وآخَرٌ وَلِيَ الـوَزَرْ
ومُحَدِّثٌ كَتَب الحَدِيـ ثَ له النِّهَايةُ في الأَثَرْ
أكبرهم؛ مجد الدين بن الأثير (544 - 606 هـ) المحدث اللغوي الأصولي.
أشهر مؤلفاته «النهاية في غريب الحديث والأثر»، و«جامع الأصول في أحاديث الرسول». أصيب بالنقرس؛ فبطلت حركة يديه ورجليه.
ولازمه المرض إلى أن توفي في الموصل، قيل: «إن تصانيفه كلها ألفها في زمن مرضه، إملاء على طلبته، وهم يعينونه بالنسخ والمراجعة».
قال: «ما زلت منذ ريعان الشباب، وحداثة السن، مشغوفاً بطلب العلم، ومجالسة أهله، بذلت الوسع في تحصيل ما وفقت له من أنواعه، حتى صارت فِيَّ قوة الاطلاع على خفاياه، وإدراك خباياه، ولم آل جهداً، والله الموفق في إكمال الطلب وابتغاء الأرب».
وأوسطهم عز الدين بن الأثير (555 - 630 هـ)؛ المؤرخ الإمام، من العلماء بالنسب والأدب. من تصانيفه «الكامل» اثنا عشر مجلداً، مرتب على السنين، بلغ فيه عام 629 هـ أكثر من جاء بعده من المؤرخين عيال على كتابه هذا، و«أُسْد الغابة في معرفة الصحابة» خمس مجلدات كبيرة، مرتب على الحروف.
وأصغرهم ضياء الدين بن الأثير (558 - 637 هـ) المعروف بابن الأثير الكاتب: وزير، من العلماء الكتاب المترسلين. كان قويّ الحافظة، حفظ شعر أبي تمام والمتنبي والبحتري.
من تآليفه: «المثل السائر في أداب الكاتب والشاعر»، وهو كتاب نفيس، و«كفاية الطالب في نقد كلام الشاعر والكاتب»، و«المعاني المخترعة في صناعة الإنشاء»، و«الوشي المرقوم في حل المنظوم».