في طفولتي تعلمت بكل حبٍ وشغف رسم علمك وحفظ ألوانه، كان الفضول يجرني أكثر لتعلم قصتك، أحاول جاهدة أن أترنم بنشيدك، أتمتم بلحنه وأردد كلماته حتى حفظته بظهر الغيب كما حفظت اسمي فصار جزءاً لا يتجزأ مني، كبرت قليلاً وانبهرت حين لمحت عيناي أول مرة وفهمت قراءة خريطتك، الدهشة في فهم تضاريس الوطن وشكله على الكرة الأرضية، كانت ملامح الفخر بادية على وجهي حين أشير بإصبعي إلى خريطة عالم نحو أرضك قائلة: ها هنا وطني وملاذي وهويتي، كبرت أكثر وتعلمت أكثر وفهمت أكثر أنك يا وطني وصية مذهبي وديني، أنك تأتي بمراتب متقدمة في مقامك فتردد على أذني كثيراً «الله، ثم الوطن، ثم رئيس الدولة»، فهمت فطرياً من دون حوارات وشعاراتٍ تحث على الوطنية، بفطرتي وديني زرع فيني شعور الولاء والانتماء لك، أنك عهداً علي أن أصونك، كبرت أكثر وأكثر علمتني أسرتي، ومدرستي وكتبي، أن أترجم حبي لك بالأفعال، بالتعلم والمعرفة، أن يتسلح عقلي بعلم نافع يرفع من مقامي ومقامك، أن أتطور وأتقدم، أن أكون واعياً حذراً، بالكرم والأخلاق السامية الحميدة، بالكلمة الطيبة والحسنة، بالنصح والرأي السديد، بالحكمة التي ولدتها تجارب الحياة. 

أكبر كل يوم في حضنك يا وطني وأنا بأمان والخير يساورني يجاورني من كل مكان، أكبر بكنفك وتكبر أسرتي معي وكل يوم أتعلم، حاشاه وطني أن يربي عقولاً فاسدة، حاشاك وطني ولا عزاء لمن يحاول أن يشوه صورتك الجميلة والبهية في قلبي وقلب كل من تنبض روح الوطن فيه، تعساً لهم وخسئت أفعالهم. 
وطني، على أرضك بيوت تربي عقولاً بالنهج السوي والدين الإسلامي الصحيح، تربي أفئدة تنار بفهم الضمير الحي والمقاييس الإنسانية السليمة التي تفرق بين الطريق القويم والمعوج، تعرف أن تفرق بين ما يستوعبه المنطق والعقل وما يخالفه، على أرضك عدد لا يُحصى لأرواح تفتدى لك، على أرضك بيوت يرفف علمك شامخاً فوقها، تربي على الترابط والتسامح، على قول الحق وزهق الباطل، نعاهدك يا وطني العزيز أن نقف بوجه كل جاهلٍ عقيم بالفطنة، والقوة في الثبات على نهجك وانتمائك وولائنا لك. 
دمت يا وطني سالماً مطمئناً، دمت خيراً وعزاً، دمت بنعيمك.