عادات أهل موريتانيا في رمضان.. أصالة وبساطة

تكتسي الأجواء الرمضانية في موريتانيا طابعاً خاصاً يستمدّ جماله من تراث بدويّ عريقٍ تميَّز بأصالته وبساطة ملامحه. مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تبدأ الأسر الموريتانية بالتحضير لاستقباله عبر شراء التمور والمواد الغذائية الأساسية، فضلاً عن الاهتمام بأعمال الترتيب والتزيين في المنازل، إذ تعتبر هذه الاستعدادات أولى خطوات الاحتفاء بالشهر الكريم.

وفي وقت أذان المغرب، تتجه الأنظار نحو المائدة التي تميل إلى البساطة، إذ غالباً ما يفطر أهل موريتانيا على التمر والحليب «أو اللبن الرائب» أو الماء، حيث يعدّ التمر في المجتمع الموريتاني رمزيّةً خاصةً باعتباره طعاماً مباركاً ورد ذكره في السنّة النبوية، كما يعدّ حليب الإبل أو الأبقار أو الماعز عنصراً مهمّاً في معظم الوجبات بوصفه جزءاً أصيلاً من الثقافة الغذائية البدوية.

يأتي الشاي الموريتاني الشهير «الأتاي» في مقدمة العادات المرتبطة بشهر رمضان، فهو حاضرٌ بقوةٍ على موائد الإفطار والسحور على حدٍّ سواء، ويعتبر إعداده وتبادله بين أفراد العائلة أو الضيوف طقساً اجتماعياً ممتعاً، ويقدّم على ثلاث مراحل، لكلّ كوب نكهته ووقته المناسب، وقد تميّز المجتمع الموريتاني بحبّه للشاي المغليّ جيداً والذي يحمل قواماً كثيفاً ورغوةً مميزة.

الوجبات التقليدية

عقب الإفطار الأولي على التمر والحليب والشاي، تقدّم أطباق رمضانية تشترك أحياناً مع مطابخ عربية أخرى، وتمتاز في أحيانٍ كثيرة بمسحة صحراوية بدوية فريدة، ومن أشهر أطباق المطبخ الموريتاني في رمضان، الثريد والكسكس وهو طبقٌ يشتهر في معظم دول المغرب العربي، ويحضّر بالسميد أو الدقيق الخشن مع الخضار واللحم، والمعكرونة أو الأرز باللحم إذ غالباً ما يطهى الأرز مع اللحم والخضار، أو تُطهى المعكرونة بالطريقة البدوية مع البهارات المميزة، وبالإضافة إلى الشاي، وقد يُقدّم «الزريق» أو «الزريك»، وهو مشروبٌ يصنع بمزج الحليب بالماء والسكر، وأحياناً يضاف إليه الدخن «نوع من الحبوب»؛ ليمنحه قيمة غذائية أكبر.

تراحم

تتجلَّى ملامح الشهر الكريم بالتراحم وصلة الأرحام، فالعائلات عادةً ما تتبادل الزيارات، ويتشارك الأقارب والأصدقاء اللحظات الإيمانية على موائد عامرة بروح الأخوّة والبساطة، ومع حلول صلاة التراويح، تمتلئ المساجد بالمصلّين الذين يحرصون على قراءة القرآن وختمه أكثر من مرّة خلال الشهر، وفي وقت السحور، تبقى بعض الأطباق الموريتانية الحاضرة في مائدة الإفطار أوّل الخيارات المتاحة، إلى جانب تجديد أكواب الشاي، ويحرص الكثير من الموريتانيين على السحور بالتمر والحليب لمنحهم طاقة كافية للصوم في بيئة صحراوية قد ترتفع فيها درجات الحرارة.