تعكس عادات وتقاليد الشيشان في شهر رمضان المبارك ارتباط الشعب الشيشاني العميق بهويته الثقافية والدينية، وتراثه القوقازي الفريد، وتبدأ الاستعدادات قبل حلول الشهر الفضيل خلال شعبان، حيث ترسل هيئة الإفتاء ممثلين إلى قمم الجبال لاستطلاع هلال رمضان. وما إن تثبت رؤية الهلال حتى يعلن الخبر سريعاً لكافة المواطنين إيذاناً ببدء الشهر المبارك.
صباح أول أيام رمضان، يتوجه الشيشانيون إلى زيارة المقابر وعوائل المتوفين، مستذكرين بطولات وتضحيات أجدادهم التي وقعت خلال هذا الشهر الكريم، معبرين بذلك عن تمسكهم بقيم التضحية والوفاء.
موائد
وتشتهر العائلات الشيشانية بالتجمع على موائد الإفطار، حيث من النادر أن تفطر الأسرة بمفردها، فالعائلة تدعو غيرها أو تُدعى، ما يعزز الروابط الاجتماعية وروح المشاركة. ويعرف الشيشانيون بكرمهم الشديد أثناء تحضير الطعام، ومن أقوالهم الشعبية: «إذا طهوت لثلاثة أشخاص يجب أن يشبع الرابع أيضاً».
أطباق
يشتهر المطبخ الشيشاني بأطباقه التقليدية الصحية، التي تعتمد بشكل كبير على الدقيق واللحوم، ومن أشهر الأطباق الرمضانية «غالناش» وهو عبارة عن دقيق الذرة الممزوج بالسمن والعسل، وأطباق مثل «خينغالش»، و«شيبالغاش» المحشوة باليقطين أو الجبن. وأما تسمية المواليد الجدد فتشهد ارتباطاً خاصاً بالشهر الفضيل، حيث يطلق اسم «رمضان» على الذكور و«مرحى» على الإناث، كأحد التقاليد المحببة لدى الشيشانيين.
وخلال رمضان، تمتلئ المساجد بالمصلين من جميع الأعمار، خصوصاً في صلاة التراويح التي تحظى بإقبال كبير، لا سيما من الأطفال بعد السابعة من العمر، كما تنتشر حلقات الذكر التي قد تمتد من بعد صلاة الفجر حتى الشروق أو تقام بعد صلاة العشاء والتراويح.
يُعرف الشعب الشيشاني باحترامه الكبير لعلماء وشيوخ الدين الذين يحظون بمكانة مميزة في قلوب الجميع. كما يهتم الأهالي بتشجيع الأطفال على الصيام والذهاب للمساجد منذ سن مبكرة، ما يرسخ القيم الدينية والاجتماعية في نفوس الأجيال الناشئة. ولا تقتصر مظاهر الاحتفاء برمضان على الجانب الروحي فقط، بل تمتد إلى تعزيز قيم التكافل الاجتماعي من خلال المبادرات الخيرية ومساعدة الأسر المحتاجة. وتُقام خلال الشهر الكريم أنشطة ثقافية وترفيهية متنوعة، تُعزز الروابط بين أفراد المجتمع وتؤكد على الهوية الثقافية للشيشان.