يتميز شهر رمضان في الهند بأجواء استثنائية، تعكس التنوع الثقافي والترابط الاجتماعي الكبير بينهم، حيث يشكل المسلمون في الهند ثاني أكبر تجمع إسلامي عالمياً بعد إندونيسيا، حيث يتجاوز عددهم 200 مليون مسلم من أصل أكثر من 1.4 مليار نسمة، إجمالي سكان الهند.
ويحتفي المسلمون في الهند برمضان بتزيين الشوارع، حيث تعم الفرحة وتتبادل التهاني بين أفراد المجتمع، وتبدأ الاستعدادات بتزيين الأحياء وإضاءة المساجد وتنظيم دروس دينية ومحاضرات يقدمها دعاة من مختلف المناطق، كما تبرز في رمضان مظاهر احتفالية وروحانية خاصة، إذ تُزيَّن المساجد وتُضاء مآذنها، وتقام حلقات لتلاوة القرآن الكريم، وتزدحم المساجد بالمصلين في مشهد إيماني مهيب، يُحدث تغييراً واضحاً في إيقاع حياة المسلمين اليومية ويعزز من الروابط الاجتماعية بينهم.
ومع اقتراب أذان المغرب، يجتمع أبناء كل حي حول مائدة إفطار جماعية في المساجد، يحمل كل منهم ما تيسر من الطعام والشراب والفواكه، في مشهد يعكس روح التآخي والتضامن.
وتُعتبر رؤية الأطفال والكبار متوجهين إلى المساجد حاملين أطباق الإفطار مشهداً مألوفاً، فيما يحرص الصغار على حمل فوانيس رمضان والتجول بها في الشوارع مرددين الأناشيد الدينية بلغاتهم المحلية.
ويلاحظ في هذا الشهر تمسك غالبية المسلمين في الهند بارتداء غطاء الرأس «الطاقية» كرمز للهوية الدينية، كما يزداد توافدهم إلى المساجد لأداء الصلوات والتراويح، وحضور دروس ومواعظ يلقيها علماء الدين والدعاة الذين ينتقلون بين مختلف المساجد لتوعية الناس وتعزيز تمسكهم بتعاليم الإسلام والحث على القيم والأخلاق الحميدة.
ويحرص مسلمو الهند على ختم القرآن الكريم خلال شهر رمضان، وفي حالة عدم توفر إمام حافظ للقرآن في بعض المساجد، يقوم سكان الحي باستقدام إمام من مناطق أخرى لتولي هذه المهمة.
مائدة الخير
وتتميز المائدة الرمضانية في الهند بأطباق خاصة، أشهرها شوربة «الغنجي» التي تتكون من دقيق الأرز وقليل من اللحم والتوابل، وتشتهر بأنها تقوي الصائم وتخفف من عطشه، ويتم توزيعها أيضاً على المساجد. كما يشتهر مشروب «الهرير» الذي يتكون من الحليب والسكر واللوز، إضافة إلى تناول الفواكه بأنواعها المختلفة، مثل التمر والبرتقال والعنب، ومن العادات الجميلة التي تعكس التكافل الاجتماعي في الهند، توزيع الحلويات والمشروبات على المصلين عقب صلاة التراويح.
وتختتم احتفالات الشهر الفضيل بما يعرف بـ«جمعة الوداع»، التي تحظى بأهمية كبيرة، ويجتمع فيها المسلمون بأعداد غفيرة في المساجد، وتسبقها استعدادات خاصة، حيث تنظف الشوارع والساحات القريبة من المساجد ويُمنع المرور فيها لتوفير مساحة كافية للمصلين في مشهد يعبر عن مدى تقدير المسلمين لهذه المناسبة العظيمة.