تراجعت مشاركة اللاعب المواطن في النسخة الحالية من دوري المحترفين، بنسبة بلغت 10 %، مقارنة بالنسخة السابقة، حيث شهدت تشكيلة 14 فريقاً، وجود 46 لاعباً فقط بصفة أساسية، من مجموع 154 لاعباً، بينما تحولت بقية العناصر الوطنية للدكة، ونيل فئة قليلة فرصة اللعب في الشوط الثاني، بينما يجد البعض صعوبة في الوجود، حتى ضمن القائمة الرئيسة للمباريات، ويكتفي بالمشاركة في التدريبات.
وبات اللاعب المواطن مطالباً أكثر من أي وقت مضى، بتطوير مستوياته، ومنافسة اللاعب المقيم والأجنبي لفرض ذاته، تماماً مثل ما يحدث في مختلف دوريات العالم، حيث أصبحت مزيجاً بين اللاعب المحلي والمحترف الأجنبي. ولا بد أن يعي اللاعب المواطن أن حضور زميله الأجنبي، جاء ليطور مستوى الفرق والدوري والمنتخب، ويرفع مستوى اللاعب المواطن أولاً، من خلال الاحتكاك والمنافسة في التدريبات والمباريات.
وظهر بشكل واضح خلال المباريات السابقة من بطولة الدوري، اعتماد الأندية بشكل أكبر على اللاعبين الأجانب والمقيمين، ما أدى إلى إحالة أسماء بارزة على مقاعد البدلاء، ظلت تنتظر شارة المدرب للظهور في شوط اللعب الثاني، ومنها عناصر توجد ضمن خيارات البرتغالي باولو بينتو مدرب منتخبنا الوطني بشكل مستمر، لكنها تغيب عن أرضية الملعب في المباريات والمنافسات المحلية.
وحسب الجولة الخامسة من دوري المحترفين، فإن 7 مباريات شهدت مشاركة 46 لاعباً مواطناً مع صافرة البداية، وهي ذات الأسماء التي ظلت تنال فرصة اللعب في الجولات السابقة، مع تعديلات طفيفة، منهم 14 حارس مرمى، ويعتبر فريق كلباء أكثر أندية «دورينا» اعتماداً على اللاعب المواطن، بوجود 5 عناصر ضمن عناصر التشكيل الأساسي، بينما اكتفت فرق مثل الجزيرة، شباب الأهلي، العين، الوحدة، بمشاركة لاعبين مع كل فريق، وبقية فرق المنافسة منحت الفرصة لعدد 3 و4 لاعبين.
والواضح أن الأندية الكبرى وصاحبة التتويجات الأقل إشراكاً للاعب المواطن، والأكثر اعتماداً على اللاعبين الأجانب، وذلك لهاجسها الدائم بالبحث عن الانتصارات والألقاب. ولكن السعي إلى النتائج لا يقصي أبداً اللاعب المواطن، فإذا توفرت الموهبة وتدرب باحترافية واجتهد وتنافس مع المحترف الأجنبي، سيفرض نفسه في فريقه والمنتخب، وسيرتقي مستوى الدوري إلى مستويات عالية في آسيا.
فيما شهدت قائمة المنتخب الوطني التي تم الإعلان عنها يوم الأربعاء الماضي، وجود 8 عناصر لم تشارك في الجولة الأخيرة من بطولة الدوري بشكل أساسي، والبعض لم تتح له فرصة اللعب كبديل، لكنها حافظت على موقعها في المنتخب، ومنها أسماء لديها عدد دقائق لعب قليل من مجموع 450 دقيقة، شهدتها بطولة الدوري في 5 جولات سابقة، مثل يحي نادر لاعب العين «87 دقيقة»، يحي الغساني لاعب شباب الأهلي «133 دقيقة»، وزميله في الفريق حارب عبد الله «135 دقيقة»، وعلي سالمين لاعب الوصل «147 دقيقة»، وزميله في الفريق عبد الرحمن صالح «173 دقيقة»، وثلاثي الجزيرة محمد العطاس «288 دقيقة»، زايد سلطان «333 دقيقة»، عبد الله إدريس «152 دقيقة»، إضافة إلى خالد توحيد حارس مرمى الشارقة، الذي شارك في مباراة واحدة.
وتضاربت آراء الخبراء والفنيين حول ظاهرة تراجع مشاركة اللاعب المواطن في الدوري، بين مؤكد على أن الظاهرة طبيعية، في ظل ندرة المواهب الكروية المحلية، ، وبين آخرين يحذرون من الإفراط في إشراك اللاعبين الأجانب.
عيسى الذباحي: فريق 21 سنة المحطة الأخيرة للاعب المواطن
توقع عيسى الذباحي رئيس مجلس إدارة نادي كلباء سابقاً، أن يكون فريق 21 سنة المحطة الأخيرة للاعب المواطن في الوقت القريب، قياساً بالفرصة الضئيلة التي تتوفر له مع فرق المحترفين، ذاكراً أن ما يحدث حالياً من غياب للعناصر الوطنية، يفقد اللاعبين الصغار روح الإصرار والطموح، لأن الصغار دائماً ينظرون إلى الكبار من أبناء البلد في كل المواقع، ويريدون أن يمضوا على دربهم.
وأضاف: «عندما يفتقد اللاعب في المراحل السنية، قدوته من النجوم الكبار، فإنه سيمارس كرة القدم دون دافع، ولن يتطور، لأنه سيقول لنفسه إنه مهما اجتهد، فإن فرصته ستكون ضعيفة في الوصول إلى فرق المحترفين، وبالتالي، عدم الوجود مع المنتخب الوطني، الذي يمثل المحفز الأكبر لكل لاعب كرة قدم». وأشار رئيس مجلس إدارة كلباء السابق، إلى ضرورة النظر إلى تجارب الآخرين في وجود عدد كبير من الأجانب والمقيمين مع الأندية، مشيراً إلى أن هنالك دولاً عربية استعانت بأسماء كبيرة مع أنديتها، على حساب لاعبها المواطن، وكانت النتيجة تراجع نتائج المنتخب عن السابق، لأن المواطن ظل يجلس على الدكة مع ناديه.
وقال الذباحي إن فكرة اللاعب المقيم، تعتبر جيدة، وأن الهدف منها كان وما زال تطوير كرة القدم، وأضاف: «لكن يجب أن تكون الخطوات مدروسة، وبتأنٍ، بدلاً من العدد الكبير الذي استعانت به الأندية لتحقيق مصالحها الخاصة، دون التفكير في وضعية اللاعب المواطن، الذي لا يحظى بفرصة اللعب».
عمار الدوخي: الغياب عن التشكيلة الأساسية يؤثر سلباً في المنتخب
رأى عمار الدوخي المحلل والناقد الرياضي أن المشكلة الأكبر في غياب اللاعب المواطن عن المشاركة المستمرة مع فريقه في بطولة الدوري، وبقية المنافسات المحلية، يؤثر في المنتخب الوطني سلباً، ذاكراً أن قائمة «الأبيض» بها مجموعة من العناصر التي لا تحظى بفرصة اللعب مع الأندية، وتكون في ذات الوقت مطالبة بالتألق مع المنتخب، وتحقيق رغبة الجماهير في بلوغ نهائيات كأس العالم، وغيرها من الإنجازات، مؤكداً أن اللاعب الذي يجلس على الدكة، لن يفيد المنتخب بشكل كبير، وأضاف: لا يمكننا أن ننتظر من لاعب فقد إحساس اللعب التنافسي، وتأثر نفسياً بجلوسه على الدكة، أن يقدم مستوى متميزاً مع المنتخب في المشاركات الدولية، لأن كرة القدم تتطلب الجاهزية التنافسية، ونفس المباريات القوية، وهذا لا يحدث إلا عبر المواجهات الرسمية القوية، وليس التدريبات، كما أن تطور مستوى اللاعب، يتحقق بالمشاركات المستمرة، دون توقف.
وأكد الدوخي إدراكه التام بأن كل ما يحدث في كرة القدم حالياً، ظاهرة عالمية، والهدف منه تطوير الكرة في الإمارات، ولكنه يرى أن الطريقة لن تحقق الهدف المنشود، وأضاف: «نحن الآن نعيش واقع التجربة، ومن المؤكد أنها ستخضع للدراسة لاحقاً، لكن لا بد من منح اللاعب المواطن حالياً القدر الذي يستحقه من الاهتمام، خاصة أن عدم مشاركته ستؤثر في أبنائنا في فرق المراحل السنية، لأنهم سيفقدون الأمل في بلوغ القمة».
عصام عبد الله: قلة المواهب محلياً تفرض الاستعانة بالأجنبي
قال عصام عبد الله المحلل والناقد الفني، إن ما يحدث من غياب لمشاركة اللاعب المواطن، وضع طبيعي، في ظل قلة المواهب بالساحة المحلية، والصفقات التي تقوم بها الأندية، بتعاقدها مع عناصر من خارج الدولة، سواء في فئة الأجانب أو المقيمين.
وأضاف: علينا أن نتحدث بصراحة، كرة الإمارات كان بها مواهب مميزة، حققت نجاحات واضحة، ووصلت المونديال، لكن خلال الـ 20 عاماً السابقة، مستوى المواهب ظل في تراجع، ولم نحقق الإنجازات التي تليق بالدولة، لذلك كانت تجربة المقيم التي رأينا نتائجها في تتويج العين بلقب دوري أبطال آسيا، من خلال مشاركة بعض العناصر.
وأكد عصام عبد الله أنه لا يرى وجود مشكلة في عدم مشاركة المواطن، لأن كل شيء يتم وفق اللوائح والقوانين، ولأن الأندية تبحث عن مصلحتها التي تصب في مصلحة المنتخب الوطني، وقال: كل الدوريات العالمية يشارك فيها عدد كبير من الأجانب، ودورينا لم يأتِ بجديد، واللاعب المواطن الذي يمتلك الموهبة ويجتهد في عمله ويقنع الأجهزة الفنية بقدرته على تقديم الإضافة المطلوبة، لا بد أن يجد فرصة اللعب، مثل بعض العناصر التي تشارك حالياً، بعد أن أثبتت وجودها وتفوقها.
وأشار عصام عبد الله إلى أهمية دعم التجربة الحالية، التي تمضي فيها كرة الإمارات والصبر عليها عدة سنوات، ذاكراً أن الإنجاز الذي حققه العين، يجب أن يكون محفزاً لبقية الفرق، وللمنتخب أيضاً، الذي أصبح يمتلك خيارات أكثر من اللاعبين.
هادف سيف: لهفة الأندية وراء النتائج سر تراجع اللاعب المواطن
قال هادف سيف مدير الصقور سابقاً، إن اللاعب المواطن في دوري المحترفين، أصبح بلا دور، لأن الاعتماد عليه من قبل الأندية أصبح ضعيفاً، ذاكراً أن الأندية تركز على الأجانب والمقيمين بشكل كبير، لأنها تبحث عن مصالحها، وكل نادٍ يريد أن يحقق أفضل النتائج. وأضاف: اللاعب المواطن لن يتطور بهذه الطريقة، لأن التدريبات وحدها لا تكفي، لا بد من مشاركته في عدد أكبر من المباريات، حتى تتوفر له فرص الاحتكاك، أما في ظل مشاركته الضعيفة، فإنه سيعاني حتى يجد فرصة اللعب، باستثناء بعض اللاعبين الذين يشكلون حضوراً مستمراً مع فرقهم، أما بالنسبة للاعبين الصاعدين الذين يمتلكون الموهبة، أعتقد أنهم سيكونون ضحايا لاعتماد الأندية على المقيمين والأجانب.
وقال هادف سيف إن نتيجة غياب المواطن عن التشكيلة الأساسية، يظهر بشكل أوضح في اختيار قائمة المنتخب الوطني، مبيناً أن منتخب الإمارات دوناً عن بقية منتخبات العالم، الوحيد الذي تجد فيه 6 عناصر أساسية تجلس على دكة البدلاء مع فرقها، وهذا بالتأكيد ليس من مصلحة «الأبيض».
وشدد مدير ولاعب الصقور السابق على أهمية منح اللاعب المواطن الثقة، والتركيز عليه بشكل أكبر، مع اختيار لاعبين صغار السن من المقيمين، للمشاركة مع المنتخب في المستقبل، بدلاً من الاعتماد على عناصر اقتربت من سنوات الاعتزال، تنال فرصة اللعب في الأندية والمنتخب.