تخصصت المصممة الباكستانية هوما قمر في تصميم العباءات بعد دراستها لتصميم الأزياء وأطلقت علامتها الخاصة Homa Q 2008، وتتميز عباءاتها بمواكبتها للموضة وميلها للعصرية وحبها للنفحات التراثية التي تغلف مفهوم التصميم الأصيل، استطاعت هوما تطوير العباءة لتنسجم مع الأذواق المعاصرة بحيث أخرجتها عن تقليدها، فكانت انقلاباً على الكلاسيكية وكل ما هو موروث.
تستوحي أفكار تصاميمها من التراث العربي عامة والخليجي خاصة، فتحول القطع إلى لوحات فنية تروي تراث وعراقة الحضارة العربية، وتبرز معالم الأناقة الإماراتية وأبعادها الثقافية وخصوصيتها من خلال الخطوط والألوان، وتطعمها بلمسات عصرية مجارية للموضة، وتخلق نوعاً من المزيج الثقافي والحضاري الذي يضفى على أزيائها رونقاً وطابعاً خاصاً.
الطريق نحو العالمية
تؤكد قمر أن حلمها الكبير هو أن تصل بالعباءة العربية إلى العالمية، تقول: «من خلال عباءاتي أحاول دائماً الوصول إلى كل أفراد المجتمع من السيدات، وأعني بذلك الشابة إلى المرأة الكلاسيكية إلى المرأة الاكبر سناً، فالعباءة تقتنى من مجموعات مختلفة لذلك لا أستطيع أن أركز على واحدة منها فقط، ففي مجموعتي لرمضان والعيد كان هناك جرأة في طرحها بحكم تقنياتها ذات المنظور التجديدي، ولاقت صدى قوياً جداً لدى الفتيات والسيدات، وكنت أتوخى إيصال رسالة معينة من خلال تصاميمي، وهذه أول مرة آتي على ذكر هذا الموضوع، فالمرأة تتذمر دائماً بالقول إن العباءة تبينها ممتلئة بعض الشيء وأنا أردت أن أقول لها إنه بإمكانها أن تضع الحزام على العباءة وبذلك يتحدد جسمها أكثر، فهناك دائماً طرق متعددة وأفكار متجددة تبرز جمال العباءة وصحبتها في كل مناسبة».
تشير قمر إلى أنها قسمت مجموعتها الجديدة إلى قسمين، القسم الأول عبارة عن مجموعة عباءات كلاسيكية تمتاز بلونها الأسود وحرّكتها بألوان بسيطة مثل البرتقالي والأحمر والنبيذي والأخضر، وطورتها بقصات جديدة وطريقة تطريز مختلفة، المجموعة الثانية شبابية ومبهجة بألوان فاتحة وفرحة مثل الفستقي والأخضر والأبيض والبرتقالي وألوان ترابية واللون النبيذي والأخضر العشبي والأزرق والتركواز البحري، فتدرجت الألوان من الترابي إلى الوردي إلى الزرع إلى البحر، فكانت بذلك المجموعة متنوعة ولكنها لا تزال نابعة من الفكرة الشرقية.
عباءة حديثة
حول فكرة تطوير العباءة تقول قمر: «معروف عني أنني دائماً أعمل على تطوير العباءة ويجب ألا تحافظ على طابعها القديم وإلا أعلنت نهايتها، أما إذا نظرت إليها بطريقة أوسع وقمت بتسويقها من خلال تصميم يرضي جميع الأذواق لجاذبيتها فبذلك أعطي العباءة تنوعاً وأدفعها إلى مستوى أعلى وأرتقي بها إلى درجة (الهوت كوتور)، وأعتقد أن العباءة مدرجة عالمياً ومعروفة جداً، ولكن علينا كمصممين أن نعتمد الطرق المناسبة للانتشار فنحن نحمل في جعبتنا الكثير في مجال التطوير الذي يراعي منهج الحشمة والتقاليد بالدرجة الأولى، ولا شك أن الطريق طويل ولكن هذا حلمي وسأعمل على تحقيقه».
فيما يتعلق بتقبل المجتمع الخليجي لفكرة إعادة تدوير العباءة وعولمتها بما يتناسب مع مواصفات الموضة الحالية تعتقد قمر أن: «المحافظة على المواصفات الأساسية للعباءة والتي تتمثل في الشكل الفضفاض والمحتشم هي محور تقبل المجتمع أو رفضه لها وليس الفكرة وجماليتها المتعلقة بطبيعة التصميم أو اختيار الألوان، حيث أحرص على إرضاء جميع الأذواق وذلك من خلال متابعتي الدائمة لزبائني، كما أنني أدخل أحياناً ذوقي في تصاميمي فأنا أحب أن أصارع في الألوان وأحرك في القماش، وهناك ألوان تكون دائماً مطلوبة مثل الأسود والنبيذي، لذلك أحرص على تكرارها في مجموعاتي».
خصوصية عربية
قمر ترى أن عباءتها ليست للمرأة العربية فقط، وهذا لا يعني أنها تلغي خصوصية المرأة العربية في ارتدائها للعباءة، وتوضح: «المطلوب أن نتميز في تراثنا لا أن نلغي شخصيتنا العربية ونرتدي ثوباً آخر، ومن جانب آخر أعتمد في تصميمي لكل سيدة عربية وخليجية على شكلها العام، وما الذي يناسبها، وأحاول أن أرسم صورة لها من خلال العباءة بطريقة أظهر فيها محاسنها وأخفي عيوب جسدها، وثانياً أحرص على انتقاء الألوان المناسبة لها، وأركز على شخصية المرأة وأدق تفاصيلها».
وتضيف: «إن التنوع في تقديم العباءة السوداء أو الملونة بقصات مختلفة يجعل المرأة تقبل عليها، لأن كل امرأة تعشق الجديد الذي يميزها عن الأخريات، كما أحرص بكل تأني على تقديم كل ما تحمله مخيلتها الخصبة، ليكون التصميم في نهاية المطاف يعزف على أوتار الأناقة ولكن بأسلوب خاص».
أهواء عالمية
فيما يخص تأثرها بالمصممين العالمين تعتقد قمر أنه وبرغم اتساع سوق العباءات واتجاه الكثيرات إلى تصميمها، إلا أن حبها للتصميم وشغفها بالموضة وثقتها بأفكارها، دفعها إلى المضي قدماً نحو تحقيق حلمها لتصبح مصممة معروفة، خصوصاً أنها مولعة بأفكار المصمم العالمي الشهير «فالنتينو» الذي تستوحي وتستلهم بعضاً من أفكاره وتصميماته لتقدمها بأسلوبها وطريقتها الخاصة، إذ قد تلاحظ السيدة أن «الفيونكة» هي سمة بارزة في أكثر من تصميم لأكثر من عباءة بأشكال وألوان مختلفة. أما عربياً، فيستهويها المصممان اللبنانيان العالميان إيلي صعب وزهير مراد، فأفكارهما الخلاقة لا تنتهي ولا تتوقف عن الإبداع، بينما تلفتها محلياً قمر التي استطاعت أن تحافظ على هويتها الشرقية المحتشمة.
خارج المنافسة
ترى قمر أن مصممة الأزياء يجب أن تكون على دراية بالسوق، كما أنها يجب أن تكون صاحبة ذوق لتستطيع أن تتلاعب في الألوان بطريقة تجذب الأنظار، كما يجب أن تكون على دراية كاملة بخطوط الموضة والألوان الدارجة لكل المواسم والمناسبات، وعلى اطلاع كامل بالتصاميم العالمية لكل المصممين باختلاف جنسياتهم وأذواقهم. ولأنها، كما تقول، خارج المنافسة مع زميلات المهنة، فهي تثق بكل ما تقدم من أفكار، وتعتمد القماش الياباني والدانتيل الفرنسي نظراً للجودة التي تميز هذين النوعين من الأقمشة، باختلاف الصيني رخيص الثمن وقليل الجودة، ويتضح ذلك بعد تكرار غسيله، إذ يبهت لونه. لذا، ونظراً إلى حرصها على كسب ثقة الزبونة وضمان عودتها مجدداً، فهي تبحث عن الجودة والنوعية بغض النظر عن الكلفة. والأقمشة التي تحبها وتميل إلى استخدامها هي الدانتيل الفرنسي، والشيفون، والمخمل. خصوصاً لعباءات الأعراس، وتستخدم التطريز ببساطة حتى لا تطغى العباءة على الفستان الذي ترتديه المرأة.
ألوان ثابتة
بإلقاء نظرة على تشكيلة العباءات، نلحظ أن قمر لا تستغني عن لون العباءة الأسود الذي يعتبر جزءاً مهماً من تراث العباءة، إنما تضيف إليها أقمشة متنوعة بألوان مختلفة من دون أن تخرج عن السائد، وهو لون العباءة الأسود، وتدمج بين الألوان والأقمشة بما يتواءم مع الموضة السائدة وذوق الزبونة وميولها. وتصنيفات العباءة عندها قصات عملية لا تعيق الحركة في العمل. وتستخدم في عباءات الزيارات أقمشة ذات ألوان فاتحة متنوعة مع قصات مختلفة وأكثر ابتكاراً. أما المناسبات والأعراس، فيغلب عليها الشيفونات والدانتيل باللونين الذهبي والفضي.
في سطور:
انطلقت المصممة الباكستانية بأفكارها وإبداعاتها في العام 2008 بعد أن تخصصت في دراستها لمدة أربع سنوات في لندن، وتمثلت بدايتها الأولى في تصميم مجموعات مختلفة من الفساتين التي تنوعت ما بين فساتين سهرة وفساتين عملية، لكنها سرعان ما اتجهت إلى تغيير مسار تصاميمها لتتجه إلى الشيلة والعباءة، بعد أن لمست التطور الكبير الذي شهدته، ما جعلها تنافس تصاميم فساتين السهرة على منصات عروض الأزياء المحلية والعالمية كذلك.
لافتةً إلى أن ولادتها ونشأتها في الإمارات وانخراطها في مجتمعها لعب دوراً كبيراً في اتخاذها هذا القرار برغم أنها حصدت النجاح في بداية مشوارها في تصميم الفساتين، الأمر الذي تمثل في فوزها في مسابقة (المواهب الناشئة) في مجال تصميم الأزياء، ما أهلها للمشاركة في عروض أزياء «أسبوع دبي للموضة».