سجلت "موجة قاتلة" قبالة سواحل كندا رقما قياسيا عالميا، لم تكن هي الأكبر في التاريخ، لكنها كانت أعلى بعدة مرات من ارتفاع جميع الأمواج المحيطة.

لفترة طويلة، كانت هذه الظاهرة تعتبر خيالًا، ولكن منذ أن تم اكتشاف الموجات القاتلة بواسطة التقنيات الخاصة، اضطر العلماء للبحث عن تفسير لها.

ففي عام 2020، اكتشف العلماء "موجة قاتلة" قياسية قبالة جزيرة فانكوفر، قبالة ساحل المحيط الهادئ لكندا. بحسب ما نشر موقع Scientific Reports.

لطالما روى البحارة قصصا عن موجات "شريرة عملاقة" تظهر من العدم مع انتفاخ ضئيل نسبيًا. لم يكن هناك سوى القليل من هذه الأدلة، ورفض العلماء لفترة طويلة تصديق وجود مثل هذه الموجات، لأنها لا تتناسب مع الفهم العلمي للبحر.

وفقًا للنماذج الكلاسيكية، دائمًا ما تكون الموجات في منطقة معينة من الماء، وتتشكل أمواج تسونامي فقط بسبب الزلازل أو الأحداث الأخرى مثل الانفجارات.

بالإضافة إلى ذلك، تكاد تسونامي غير مرئية في المياه العميقة. ومع ذلك، في التسعينات، كان على العلماء تغيير رأيهم، حيث تم تسجيل هذه الظاهرة باستخدام أدوات على منصة نفطية.

السمة المميزة لهذه الموجات القاتلة الفردية هي أنها تتجاوز بشكل كبير ارتفاع المياه في المنطقة المحيطة بها. بلغ ارتفاع الموجة التي تم اكتشافها قبالة جزيرة فانكوفر في عام 2020 حوالي 17.6 مترًا وثلاثة أضعاف متوسط ارتفاع الأمواج المحيطة.

على الرغم من حقيقة أن "الموجات القاتلة" يمكن أن تصل إلى ما يقرب من 30 مترًا، إلا أن اختلاف الارتفاع بمقدار ثلاثة أضعاف مع الأمواج المحيطة جعل من الممكن تسجيل رقم قياسي عالمي. وللمقارنة: كانت موجة دروبنر التي لوحظت في عام 1995، على ارتفاع 25 مترًا، ضعف حجم القمم المحيطة.

كما تم تسجيل عدد قليل من الموجات المارقة في التاريخ بشكل مباشر، وهذه هي الموجة الأولى بمثل هذا السعة الكبيرة، كما يقول يوهانس جيمريتش من الجامعة الكندية الفيكتورية: "يحدث هذا مرة واحدة كل 1300 عام".

قضى العلماء عامين في محاولة لتأكيد تثبيت هذه الظاهرة. وتم اكتشاف الموجة، المسماة Yuklulet (على اسم شبه الجزيرة المجاورة) ، بواسطة عوامة قياس لمشروع MarineLabs. أتاحت بيانات العوامة إعادة بناء شكل الموجة.

وقال سكوت بيتي، رئيس شركة MarineLabs، لشبكة CNN: "تبدو وكأنها تل بحجم منزل من أربعة طوابق، بارزة من الماء، أمامها المنخفضات الظاهرة". على الرغم من حقيقة أن ارتفاع الموجة معروف، لا يزال لدى الباحثين العديد من الأسئلة.

ويقول مؤلفو العمل: "يتم إجراء معظم هذه الملاحظات باستخدام عوامة واحدة عند نقطة واحدة، وبالتالي عندما تمر الموجة، فإننا نعرف ارتفاعها، لكننا لا نعرف طولها". بالإضافة إلى ذلك، ليس لدى العلماء تفسير لا لبس فيه لهذه الظاهرة. هناك عدة فرضيات. على سبيل المثال، يمكن لشكل معين من الشاطئ أو قاع البحر إرسال موجات في طور تجاه بعضها البعض، وفي هذه الحالة تتراكم ارتفاعاتها.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تنتقل الموجات من تيار واحد إلى تيار معاكس، مما يؤدي إلى تقصير طولها وزيادة ارتفاعها. أخيرًا، هناك تفسير رياضي يتبع معادلة "شرودنغر" غير الخطية. وفقا له، بعبارات بسيطة، في بعض المواقف، تبدأ الموجة في امتصاص طاقة الأمواج أمامها وخلفها.

تم تأكيد هذا النموذج أثناء الاختبارات في بركة الأمواج. ومع ذلك، لا توجد فرضية واحدة قادرة على تفسير جميع الحالات المسجلة، وبالتالي يقترح الباحثون أن عدة ظواهر فيزيائية مختلفة قد تكون وراء تكوين الموجات القاتلة. لا يسع المرء إلا أن يقول بشكل لا لبس فيه أن مثل هذه الظاهرة تشكل تهديدًا للبحارة والسفن، حيث لا يمكن التنبؤ بموجة قاتلة، على عكس العاصفة، وظهورها المفاجئ لا يترك للطاقم سوى القليل من الوقت للاستعداد والمناورة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتعرض الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من البحر للخطر إذا تشكلت موجة بالقرب من الساحل. يأمل العلماء أن يتمكنوا في المستقبل من كشف سبب ظهور مثل هذه الظواهر الطبيعية والبدء في التنبؤ بها بطريقة أو بأخرى. في السابق، افترض العلماء أن الموجات القاتلة هي التي أدت إلى موت السفن في مثلث برمودا.