لا يُذكر اسم شجرة أو عطر أو زيت الياسمين إلا ويُذكر اسم «شبرا بلولة»؛ فتلك القرية، الواقعة بمحافظة الغربية بشمال مصر، تستحوذ وحدها على نصف إنتاج العالم من عجينة الياسمين وزيوته التي تدخل في صناعة أرقى العطور العالمية، وتُصدَّر إلى دول أوروبية، أشهرها فرنسا – بلد العطور، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي تقرير للاتحاد الدولي للزيوت والعطور IFEAT، ومقره مدينة لندن البريطانية، ذُكر أن إنتاج مصر من عجينة الياسمين في السنة يبلغ 6 أطنان، تعطي 3 أطنان من الزيت العطري، محققةً عائداً يقدر بنحو 6.5 مليون دولار سنوياً. وتستحوذ قرية شبرا بلولة، التابعة لمركز قُطُور بمحافظة الغربية، على هذا الإنتاج، حيث يشارك 60 ألف عامل ومُزارع من أبناء القرية وبعض القرى المجاورة، في موسم حصاد سنوي يمتد طوال الأشهر الستة الأخيرة من كل عام؛ من يونيو إلى نوفمبر. كما جاء في التقرير أن مصر والهند تستحوذان على نسبة 95% من إنتاج عجينة الياسمين في العالم، لكن شركات تصنيع العطور تفضل المنتج المصري؛ لما تتمتع به تربة تلك القرية من خصوبة تظهر جيداً في زيوت هذا النبات العطري، الذي يُستخدم في العديد من الصناعات مثل مواد التجميل، والصناعات الطبية مثل زيوت التخدير.
وقد عرفت مصر زراعة الياسمين في ستينيات القرن الماضي؛ حيث جلبه من فرنسا أحد الأثرياء واسمه أحمد فخري كان يدرس هناك، وزرعه في إقطاعية كان يملكها تبلغ مساحتها نحو 100 فدان، بقرية شبرا بلولة حيث التربة الطينية والطقس المناسبين لزراعته، ثم أنشأ مصنعاً للزيوت العطرية، وصار الفلاحون الذين أغرتهم التجربة، فزرعوا أراضيهم أيضاً بالياسمين، يورّدون إليه محصولهم.
سياحة الياسمين
انطلاقاً من شهرة هذه القرية المصرية عالمياً في زراعة الياسمين؛ بدأت الأفواج السياحية تتوافد إليها ، وبدأت بعض الشركات تضع زيارة القرية ضمن برامجها ليشاهد السائحون، أجانب ومصريين من محافظات أخرى زراعة الياسمين فيها، ومشاركة الفلاحين طقوس الحصاد، بل مشاركتهم طعامهم الريفي، والتقاط الصور معهم؛ ما دعا بعض المهتمين بمجال السياحة في مصر إلى المطالبة بإقامة مهرجان للورد والياسمين، مؤكدين أنه سوف يلفت الأنظار أكثر إلى القرية، وإلى المنتج المصري من الياسمين ومشتقاته، ويحقق عائداً مادياً أكبر بالطبع.
الياسمين العربي في السعودية
تشتهر أيضا منطقة جازان، الواقعة في جنوب غربي المملكة العربية السعودية، بزراعة الفل، المعروف محليًّا باسم "الياسمين العربي". نحو 228 ألف شجرة، موزعة على أكثر من 950 مزرعة، تنتج سنوياً 280 طنًّا. إضافة إلى ما تزرعه السيدات في البيوت؛ حيث يمثل الفل جزءاً مهماً من الموروث الشعبي، إذ يتزين به النساء والرجال في الأعراس والاحتفال بالمواليد الجدد، وعند استقبال الضيوف، حيث يمكنك رؤية عقود مصنوعة منه حول الأعناق أو فوق الرؤوس.
تتعدد أنواع الفل في جازان؛ فمنه "فل العزان" ولونه أصفر لكن حجمه أكبر من الفل الأبيض، وينمو في المرتفعات، والفل العريشي ذو البياض الناصع والرائحة النفاذة، والفل البلدي، الذي يميل إلى اللون الأصفر، والفل الجازاني، نسبةً إلى المنطقة، وهو أكثر الأنواع انتشاراً، وله رائحة قوية.