لن تحدد انتخابات جولة الإعادة في تركيا اليوم فقط من سيقود البلاد وإنما أيضاً طريقة حكمها، وإلى أين يتجه اقتصادها، إذ بات الاقتصاد أهم الأوراق الانتخابية في أيدي المرشحين اللذين كثَفا وعودهما في البرامج الانتخابية التي طرحاها الأسبوع الماضي، ما جعل منه المادة الدسمة والخطاب الأقرب للجمهور التركي، إذ نجح المترشحان في استمالة الناخبين من بوابة الاقتصاد وتبدلت نسب التأييد وفق استطلاعات الرأي إذ إن حزب العدالة والتنمية الحاكم، ركز في برنامجه الانتخابي، وعبر 11 بنداً، على الاقتصاد، ووعد الحزب في برنامجه بالعمل على خفض التضخم وكذلك وعد برفع نصيب الفرد من الدخل القومي إلى 16 ألف دولار سنوياً ثم إلى مستويات أعلى بعد ذلك.
وأشار برنامج العدالة والتنمية إلى دعم النمو الاقتصادي بنسبة 5.5% في العام المقبل ليصل مجمل الناتج المحلي إلى 1.5 تريليون دولار في نهاية سنة 2028، فيما رآه كثيرون، قطع الطريق على المنافس الرئيس، حزب الشعب الجمهوري، الذي أعلن من جهته أهدافه الثلاثة وهي الاقتصاد والمحاسبة ومكافحة الفساد.
مستقبل الاقتصاد
يتوقع خبراء أن تؤثر نتائج الانتخابات بشكل كبير في مستقبل الاقتصاد التركي الذي تبلغ قيمته 900 مليار دولار، وتعتمد شدّة الانخفاض المتوقعة في قيمة العملة، وسرعة استقرارها إلى جانب الأصول التركية الأخرى في وقتٍ لاحق، على التغييرات التي ستطرأ على السياسة الاقتصادية للبلاد عقب حسم الانتخابات.
وانخفضت قيمة الليرة التركية إلى 19.70 مقابل الدولار، الأسبوع الماضي قبل أن ترتفع إلى 19.75 معوضة بعض خسائرها، وهذا أدنى مستوى لها منذ شهرين، وقريب جداً من أدنى مستوى سجلته بعد الزلزال المدمر حين وصلت إلى 19.80.
وقفز فارق مقايضة التخلف عن السداد في تركيا لأجل خمس سنوات إلى 597 نقطة أساس، بزيادة قدرها 105 نقاط أساس، وهو الأعلى منذ أكتوبر من سنة 2022، بحسب «رويترز».
وتطرح الشركات في أنحاء العالم «سندات الدين» لمن يرغب في الشراء، لتوفير المال اللازم لاستثماراتها، ويكون بقيمة محددة وفترة زمنية معينة، ويُعطي مشتريه فائدة دورية مستمرة طوال مدة السند، وفي نهاية المهلة الزمنية يسترد قيمة السند مرة أخرى.
مناخ الاستثمار
يقول محسوبون على النظام الحاكم إنّ سياسات أردوغان الاقتصادية تدعم بقوة مناخ الاستثمار عبر إجراءات عدة، ومنها خفض تكلفة الأموال عبر التراجع في سعر الفائدة، وتوافر السيولة الدولارية في الأسواق، والتسهيلات الممنوحة للمستثمرين، مشيرين إلى أن قوة الصادرات والصناعات الدفاعية والعلاقات التجارية التي بنتها حكومة الرئيس أردوغان، في العام الماضي، مع الدول الأفريقية والعربية، قد تعمل على دعم التجارة الخارجية التركية.
ومن جانبه، يقدر البنك الدولي، في تقريره الصادر في أبريل الماضي، حجم الاقتصاد التركي بنحو 906 مليارات دولار، وهو يحتل المرتبة التاسعة عشرة بين أكبر الاقتصادات العالمية.
ويرى أنّ تركيا في عهد الرئيس أردوغان نفذت إصلاحات «طموحة»، وتمتعت بمعدلات نمو عالية بين سنتي 2006 و2017، دفعت بالبلاد إلى أعلى مستويات الدخل المتوسط وخفضت الفقر، ثم فإنّ هذه الإيجابيات قد تكون في مصلحة الحملة الانتخابية التي يركز فيها الرئيس التركي على الشباب.
وف يما يخص الدين الخارجي، يرى خبراء أتراك أنّ أنقرة لديها القدرة على سداد أعباء الدين الخارجي، وخصوصاً مع ضخامة الإيرادات الدولارية المتولدة من أنشطة رئيسة مثل الصادرات والعقارات والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تشكيل الحكومة
في حال فوز أردوغان فسيعلن عن تشكيل حكومته وخطته وكيفية حكمه في الفترة المقبلة على الفور، أما في حال فوز كلجدار أوغلو، فإنه سيلقى صعوبات في بسط الإصلاحات مع فقدانه الأغلبية البرلمانية، ما يعني دخول تركيا أزمة، ويقول أنصار الرئيس المرشح طيب أردوغان إن التصويت لمصلحته سيضمن الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي بعدما حصل تحالفه على أغلبية برلمانية.
ولدى أردوغان قاعدة كبيرة، حاول تعزيزها هذا العام عبر سلسلة استمالات اقتصادية ومن بينها إعفاءات ضريبية، وقروض عقارية زهيدة، ودعم الطاقة، وتعهدات بعدم رفع رسوم الطرق.