فيما البحث العبثي في لبنان لا يزال جارياً على مفتاح الحل الرئاسي الضائع منذ 15 شهراً في دهاليز التناقضات السياسية، دخلت المحروقات أزمة طارئة، «ولّعت» ثقابها موازنة العام الجاري.

ذلك أن الشركات المستوردة للنفط سحبت «عود الكبريت»، ورمت به إلى السوق، معلنةً التوقف القسري عن الاستيراد وتسليم المواد النفطية.

وبدا الداخل اللبناني، خلال الساعات الماضية، «متأرجحاً» بين وضع انتظاري مفتوح بلا سقف زمني على الضفّة السياسية، وبين إرباك معيشي، عبّرت عنه الاعتراضات على الضريبة على القطاعات التي استفادت في الأعوام الماضية من دعم المصرف المركزي.

حيث أوحت اعتراضات الجهات المعنية باستيراد النفط، كما الأدوية والمواد الغذائية، على هذه الضريبة، وكأنّ البلد على مشارف أزمات في هذه القطاعات، حيث استُعيدت مجدّداً مشاهد الطوابير أمام محطات المحروقات ومراكز تعبئة الغاز المنزلي.

من خارج السياق، اقتحم مشهد الهموم الداخلية هم جديد، أحيا في ذاكرة اللبنانيين طوابير السيارات أمام محطات الوقود. ومردّ هذا الأمر، بوادر أزمة ناجمة عن قرار الشركات المستوردة للمحروقات التوقف عن تسليم هذه المواد، احتجاجاً على بند في الموازنة، يقترح غرامة استثنائية على حجم أعمال هذه الشركات، التي استفادت من دعم «مصرف لبنان».

في السياق، تجدر الإشارة إلى أن مجلس النواب كان قد أفرغ حمولته الضرائبية في الموازنة العامة للعام الجاري، الأسبوع الفائت، وفيها بندٌ يقضي بفرض ضريبة أو غرامة استثنائية، قيمتها 10 % على واردات الشركات التي استفادت سابقاً من عمليات الدعم، بما فيها شركات النفط. وفي الترجمة الحرفية لهذا المسار، وفق تأكيد مصادر معنية لـ «البيان»، أن هناك ما يربو على 800 مليون دولار ذهبت ربحاً للشركات في مرحلة الدعم.

وفي حينه، «احترق» المواطن غلاءً وانتظاراً بالطوابير، إذ استفادت الشركات، ومن ثم أضربت، و«ما على الشعب اللبناني إلا أن يعيد تمثيل الجريمة نفسها، التي وقعت في الأعوام السابقة»، وفق قول أحدهم لـ «البيان»، غامزاً من قناة استحالة الاتكال على مجلس النواب في هذا الشأن، فيما على المواطن أن يتدبر شؤونه من دون انتظار «موازنات وشركات وأصحاب مصالح وصفقات».

أما على المقلب الآخر من الصورة، فكلام عن أن موازنة العام الجاري، وبدلاً من أن تحلّ مشكلة، أثارت مشكلات وإشكالات، ذلك أن ضريبة الدعم الاستثنائية على القطاعات الحيوية، استدعت ردّة فعل غاضبة ومستنكرة من شركات استيراد النفط والأدوية والمواد الغذائية، وهو أمر يُنتظر أن تكون له تداعيات سلبية، مع ما يعنيه الأمر، وفق إجماع مصادر مراقبة لـ «البيان»، من ارتسام معالم «انتفاضة» واسعة، ودفعة واحدة، لقطاعات اقتصادية، من المستوردين والتجار والهيئات الاقتصادية، رفضاً لضريبة الدعم، التي أُقرّت ضمن الموازنة.