يتعمد الجيش الإسرائيلي تدمير كافة المستشفيات والمراكز الصحية والطواقم الطبية، وذلك في ظل استمراره بتنفيذ الإبادة الجماعية في قطاع غزة، فلم يبقَ مستشفى ولا مركز صحي إلا وتعرض للقصف والاعتداء من قبل الجيش الإسرائيلي، ما يعد جريمة حرب وقتل للإنسانية.
بينما كان مدير مستشفى جنين الحكومي، الدكتور وسام بكر، منهمكاً في تضميد جراح شبان أصابهم رصاص الجيش الإسرائيلي، خلال الاقتحام الأخير لمدينة ومخيم جنين، تفاجأ برسالة على هاتفه النقال، من ضابط مخابرات إسرائيلي، يهدد من خلالها بقصف المستشفى، بزعم وجود مطلوبين يختبئون فيه.
قبل هذا التهديد بأيام، انتهك الجيش الإسرائيلي ووحداته الخاصة حرمة مستشفى ابن سينا في مدينة جنين، فاقتحمه وقتل ثلاثة شبان بينما كانوا على أسرّة الشفاء، في انتهاك لخصوصيات المرضى والجرحى، واعتداء على المحرمات، وقبل أيام حاصرت القوات الإسرائيلية مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله، ومراراً اقتحمت مستشفيات ومراكز طبية في طولكرم ونابلس، وجنين، مانعة وصول الجرحى إليها.
لم يكن أحد يتخيل، أن ذلك «الجندي الأبيض» الذي يرتدي معطف مزاولة مهنة الطب، ومعه «ممرضون» يحملون معدات طبية، هم نواة للفرق السرية الإسرائيلية، المعروفة بـ«المستعربين» أو «القوات الخاصة». في الساعات الأخيرة كذلك، استهدفت القوات الإسرائيلية آخر عنقود المستشفيات الفلسطينية العاملة في قطاع غزة، فقصفت محيط مستشفى ناصر في خان يونس، وطالبت المرضى والأطباء بإخلائه، في اعتداء صارخ على رسائل الإنسانية، كما أن أياً من مستشفيات قطاع غزة لم يسلم من القصف أو التدمير على مدار الساعة.
في فلسطين، يؤدي الأطباء والممرضون رسالتهم الإنسانية السامية، في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، حيث الاستهداف المباشر للمراكز والأطقم الطبية وسيارات الإسعاف، لكن أن يصل الحد إلى انتحال شخصيات وصفات الأطباء، لتنفيذ عمليات القتل والتصفية بحق الجرحى، كما جرى في مدينة جنين، فهذا جرم مدان وترفضه كل الأعراف والمعاهدات والمواثيق الدولية.
«ماذا يعني أن يستهدف الجيش الإسرائيلي المستشفيات في غزة والضفة الغربية، ويزرع الخوف والهلع في نفوس المرضى، قبل أن يصل بطرقه الملتوية إلى القتل والترويع بأي ثمن؟.. ألم يكن هذا الجيش على علم وبينة بأن هذه المراكز طبية خالصة، وتحمل لافتات وموزاً تعريفية برسالتها الإنسانية»؟..
يتساءل مساعد محافظ جنين، منصور السعدي، مبيناً أن هذا الاعتداء بحق المستشفيات الفلسطينية، يضاف إلى سجل حافل باستهداف الأطقم الطبية. ويضيف: «كان حري بالجيش الإسرائيلي أن يحترم هذه المستشفيات، التي تمثل عصب الإنسانية، لكنه استهدف الإطار الصحي بكل مكوناته، لأن هذا القطاع، الأكثر تأثيراً ومساهمة في كشف ما يجري من ممارسات يرفضها العالم».
وإذ يترسم الجيش الإسرائيلي خطى ممارساته بحق المستشفيات في قطاع غزة، مكرراً المشهد بحق مستشفيات الضفة الغربية، فإنه بسلوكه يخرق بشكل متعمد الميثاق الصحي العالمي، الذي ينص على توفير الحماية المطلقة لكافة المستشفيات والمراكز الطبية، والعاملين فيها حتى في خضم الحروب والنزاعات. بحسب مساعد محافظ جنين، منصور السعدي.
ويجمع نشطاء وحقوقيون على أن ما جرى في مستشفيات المعمداني والقدس والرنتيسي وناصر في قطاع غزة، وابن سينا وفلسطيني الطبي في الضفة الغربية، لن تحجب الأطباء الفلسطينيين عن رسالتهم الإنسانية، وما تشبيههم بـ«رسل الإنسانية» إلا خير شاهد.