ينتظر مرضى سرطان نُقلوا إلى خارج قطاع غزة لتلقي العلاج قراراً من المحكمة العليا في الدولة العبرية سيبتّ بشأن إعادتهم إلى القطاع حيث تتواصل حرب مدمرة منذ أكثر من خمسة أشهر وينتشر الجوع.
وبعد أكثر من ستة أشهر من العلاج في القدس الشرقية المحتلة وتل أبيب، لم يعد نحو عشرين مريضاً في حاجة إلى البقاء في المستشفى، وتعتزم السلطات الإسرائيلية إعادتهم إلى القطاع الفلسطيني المحاصر.
وقالت هيئة «كوغات» التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية والمسؤولة عن تنسيق الشؤون المدنية الفلسطينية، في بيان، إن «المرضى الذين لم يعودوا بحاجة إلى علاج طبي مستمر يجب أن يعودوا إلى قطاع غزة».
لكن المحكمة العليا علّقت تنفيذ هذا القرار في اللحظة الأخيرة، بناء على التماس رفعته منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان. وطلبت السلطات مهلة حتى 21 أبريل لتقديم مرافعاتها.
وفي فندق صغير قرب مستشفى الأوغستا فيكتوريا في القدس الشرقية، ترتسم علامات القلق على وجه ريم أبو عبيدة التي خضعت لعلاج إشعاعي لإصابتها بسرطان الثدي.
ومثل العشرات من سكان غزة قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من أكتوبر، سُمح لريم بالخروج من غزة لتلقي العلاج في القدس في ظل عدم توافر المعدات اللازمة في القطاع.
وبصوت مرتجف، قالت المرأة الأربعينية، التي دُمر منزلها في مدينة خان يونس جنوبي القطاع من جراء القصف الإسرائيلي: «هذا الأسبوع، قالوا لنا فجأة إن علينا العودة إلى غزة... إنهم يرسلوننا إلى الجحيم، إلى التهلكة».
وأضافت: «أحتاج إلى علاج مستمر ومتابعة. ولكن ليس في غزة أدوية».
استحالة المتابعة الطبية
في الغرفة المجاورة، كانت منال أبو شعبان، وهي من سكان مدينة غزة، ترصّ الطعام في حقيبتها، مؤكدةً أنها وضعت فيها كميات من «الأرز والسكر وكل الأشياء المحرومين منها هناك. أتمنى ألا يمنعوني من إيصالها».
لا تعارض منال، التي تعالَج أيضاً من سرطان الثدي، العودة، لكنها قالت: «أريد أن أعود. لكن إلى بيتي، داري!... «لى غزة الشمال، ليس رفح أو الجنوب... لا أعرف أحداً هناك».
وفي حال تقررت إعادة هؤلاء الغزيين، فالأرجح أن يتم ذلك عبر معبر كرم أبو سالم الواقع في جنوب القطاع على بعد أكثر من 30 كيلومتراً من مدينة غزة.
ودمرت الحرب مناطق واسعة في شمال القطاع، ونزح القسم الأكبر من سكانه إلى الجنوب، خصوصاً مدينة رفح التي وصلها مئات الآلاف من الفلسطينيين هرباً من القتال والدمار. ويقيم قسم كبير من هؤلاء في ظروف مأسوية.
وعند سؤاله عن مصير مرضاه في حال إعادتهم إلى غزة، صمت مدير مستشفى الأوغستا فيكتوريا الطبيب فادي مزيد لبرهة قبل أن يقول بنبرة المغلوب على أمره: «لا أعرف. سيعودون إلى منطقة حرب، وسيعيشون في ظروف كارثية، دون إمكانية الوصول إلى المرافق الصحية، وبدون متابعة طبية».
وأضاف: «الوضع في غزة يفوق الوصف... قلنا إننا لا نعتقد أن إعادتهم هو الإجراء الصحيح. ولكن في النهاية، لسنا نحن من يقرر».
السرطان أو الحرب
وتابع الطبيب أن هؤلاء المرضى «في حالة ارتباك. من ناحية يريدون لمّ شملهم مع عائلاتهم، حتى في هذه الظروف التي لا يمكن تصورها. ومن ناحية أخرى، هم خائفون من العودة إلى مكان لن يجدوا فيه العلاج، وحيث سيكونون معرضين لخطر الموت جراء السرطان أو الحرب».