حثت الأمم المتحدة، أمس، الدول على عدم نسيان المدنيين الذين يئنون تحت وطأة الحرب في السودان، وأطلقت نداء لجمع 4.1 مليارات دولار خلال 2024، لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً للمدنيين في البلاد، وأولئك الذين فروا إلى البلدان المجاورة.
حيث إنه بعد مرور 10 أشهر على اندلاع الحرب، أصبح 25 مليون شخص (أي نصف سكان السودان)، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية، وفر أكثر من 1.5 مليون شخص عبر حدود السودان إلى تشاد، وجنوب السودان، وإثيوبيا، ومصر، وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وتدعو خطة الاستجابة في السودان، التي أطلقها مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية «أوتشا» للعام الجاري، إلى توفير 2.7 مليار دولار، للوصول إلى 14.7 مليون شخص، إذ تحتاج مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى 1.4 مليار دولار، لمساعدة 2.7 مليون شخص لجأوا إلى 5 دول مجاورة للسودان.
وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، إن سخاء المانحين سيساعد في توفير الغذاء، والمأوى، والتعليم للأطفال، والخدمات الأساسية، ورعاية الناجين.
وأضاف: «لقد حرمت عشرة أشهر من النزاع السكان في السودان من كل شيء تقريباً، الأمن، والمأوى، وسُبل العيش»، منوهاً بأنه «لم يتم تمويل سوى نصف نداء العام الماضي، ويتعين علينا هذا العام تقديم المزيد، وبإلحاح أكبر»، لسد الاحتياجات الإنسانية داخل السودان.
وتابع غريفيث، من مقر المنظمة الدولية في جنيف، «لا يزال المجتمع الدولي ينسى السودان»، وأكمل: «هناك نوع معين من القسوة فيما يتعلق بعالم العمل الإنساني، وهو التنافس في المعاناة، والتنافس بين المناطق: أعاني أكثر منك لذا أحتاج للحصول على المزيد من الاهتمام والمزيد من المال».
فيما دعا المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إلى دعم النازحين داخل السودان واللاجئين خارج البلاد لإعادة بناء حياتهم. وقال في بيان: «لقد التقيت للتو بعائلات نازحة في إثيوبيا، وداخل السودان.. لقد فقدوا الكثير». وأضاف «أطلب بإلحاح من المجتمع الدولي زيادة دعمه للشعب السوداني، فهو بحاجة ماسة إلى المساعدة، ويحتاج إليها الآن».
جدير بالذكر أن اتساع نطاق القتال في السودان، بما في ذلك في ولاية الجزيرة، التي تمثل سلة الخبز في البلاد، أدى إلى خلق أكبر أزمة نزوح في العالم، وتفشي الجوع، حيث يواجه نحو 18 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع استمرار الأعمال العدائية المكثفة في تدمير شبكات المياه والصرف الصحي، وغيرها من البنية المدنية التحتية الحيوية في السودان.
وخروج ثلاثة أرباع المرافق الصحية في الولايات المتضررة عن العمل، وانتشار الكوليرا، والحصبة، والملاريا، مع افتقار ثلثي السكان إلى الرعاية الصحية، وخروج 19 مليون طفل من المدارس.
وفي دارفور (غرب)، يموت طفل كل ساعتين في مخيم «زمزم» للنازحين، الأكبر والأقدم في البلاد، يؤوي 300 ألف إلى 500 ألف شخص، بحسب التقديرات، وفق ما ذكرت منظمة «أطباء بلا حدود»، الأسبوع الجاري.
في الغضون، أعلنت الأمم المتحدة، أن طرفي النزاع السوداني اتفقا على عقد اجتماع، على الأرجح في سويسرا، لبحث مسألة إيصال المساعدات الإنسانية.
وقال غريفيث لصحافيين: «خلال الأسبوعين الماضيين، أجريت اتصالات مع القائدين العسكريين، رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، وخصمه قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، للوفاء بالتزامهما بشأن إيصال المساعدات».
ونوّه غريفيث بأنه تمت دعوة البرهان و«حميدتي» لاجتماع ترعاه الأمم المتحدة بين ممثلين عن الطرفين المتحاربين في السودان، لبحث إيصال المساعدات الإنسانية للسكان الذين يحتاج نصفهم تقريباً للمساعدة.
وأكد أن «كلاً منهما قال نعم، وأعرب عن سعادته بالحضور»، مضيفاً: «لكنني أنتظر تأكيد موعد ومكان الاجتماع»، لافتاً إلى أن الطرفين اقترحا القدوم إلى سويسرا.
وألمح غريفيث إلى أن ما يشغله ليس مكان الاجتماع، لكن أن يناقش الطرفان إمكانية وصول المساعدات الإنسانية، معرباً عن أمله في أن يتم هذا الاجتماع حضورياً، وعن استعداده لتنظيم أول اتصال افتراضي، اعتباراً من الأسبوع المقبل.