بدأت المحكمة الأمريكية العليا، اليوم، النظر في مدى دستورية حكم قضائي يمنع الرئيس السابق دونالد ترامب من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب سلوكه خلال هجوم أنصاره على مبنى الكابيتول في 2021، في جلسة بدا فيها غالبية قضاة المحكمة التسعة ميّالين نحو نقض هذا الحكم.

وفي ديسمبر الفائت، قضت المحكمة العليا في ولاية كولورادو بمنع ترامب من خوض الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في الولاية، على خلفية دوره في الهجوم الذي شنّه أناره على مقرّ الكونغرس في واشنطن في مطلع 2021.

وطعن ترامب في الحكم الصادر عن هذه الولاية الواقعة غربي البلاد، وقد استمعت المحكمة العليا، التي يهيمن عليها قضاة محافظون عيّن ثلاثة منهم الرئيس السابق، إلى المرافعات الشفهية في القضية.

وثمّة جدل بين الخبراء القانونيين حول صحة مثل هذا الإجراء ومدى ملاءمته السياسية، غير أنهم يُجمعون على أنّ المحكمة العليا، التي اتخذت قراراً عام 2000 بمنح الفوز في الانتخابات الرئاسية للجمهوري جورج دبليو بوش على حساب الديمقراطي آل غور، ترغب في تجنّب إثارة الشبهات المتعلقة بالتدخّل في الانتخابات.

وخلال جلسة استماع استمرت قرابة ساعتين، أعرب العديد من قضاة المحكمة، سواء أكانوا محافظين أم تقدميّين، عن تشكيكهم في مدى صحة الحكم الصادر عن قضاء كولورادو.

وقالت القاضية إيلينا كاغان، التي عيّنها الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما: «لماذا يجب أن تتمتّع ولاية واحدة بالقدرة على اتخاذ هذا القرار؟»، مشيرةً إلى أن الحكم الصادر عن محكمة كولورادو لا تنحصر مفاعيله بهذه الولاية فحسب، بل تشمل الولايات المتّحدة بأسرها.

بدوره، أعرب رئيس المحكمة العليا، المحافظ جون روبرتس، عن قلقه بشأن عواقب الحكم الصادر عن محكمة كولورادو.

وقال روبرتس: «إذا تمّ الحفاظ على موقف كولورادو، فمن المؤكد أنه ستكون هناك إجراءات إقصاء في المعسكر الآخر».

وأضاف: «أتوقع أن يقول عدد كبير من الولايات، بغضّ النظر عمن هو المرشّح الديمقراطي، أنت مقصيّ من الانتخابات».

وفي مستهل جلسة المرافعات اليوم، قال جوناثان ميتشل، محامي ترامب، إنّ «الأمر يعود بالكامل إلى الكونغرس» للبتّ في هذه المسألة.

ومن بين الولايات العشرين التي قُدّمت فيها طعون بشأن عدم أهلية ترامب، لم يصدر القرار سوى في اثنتين منها (كولورادو وماين)، فيما تنتظر العديد من الولايات حكم المحكمة العليا قبل البتّ في القضايا المرفوعة أمامها.

وفي قرارين تاريخيين اتخذا نهاية ديسمبر، اعتبرت محكمة كولورادو العليا ومن ثم وزيرة شؤون ولاية ماين أن ترامب لا يتمتع بالأهلية لخوض الانتخابات التمهيدية الجمهورية.

وفي كلا هاتين الولايتين، اعتبر مسؤولون أنّ الملياردير الجمهوري لا يمكنه العودة إلى البيت الأبيض لأنه أقدم خلال الهجوم على الكابيتول في 2021 على أعمال تمرد، وهو تالياً ليس أهلاً لتولي منصب الرئيس بموجب المادة 14 من الدستور.

وتمنع هذه المادة أي شخص سبق أن أقسم على الولاء لدستور الولايات المتحدة من أن يشغل أيّ منصب منتخب إذا نكث بقسم اليمين عبر مشاركته في تمرّد.

وينبغي على المحكمة العليا الآن الإجابة عن سؤال جدلي هو: هل تنطبق هذه المادة على الرئيس السابق؟

ودفع محامو ترامب بعدم صلاحية قرار محكمة كولورادو، ودعوا المحكمة العليا للولايات المتحدة إلى إلغائه لحماية حقوق عشرات الملايين من الأمريكيين الذين يرغبون في التصويت للرئيس ترامب.

وخصّص محامو الدفاع معظم الدفوع المكتوبة النهائية لقضية تبدو ثانوية، إذ إنهم يسعون لإثبات أن رئاسة الولايات المتحدة ليست إحدى الوظائف التي تشملها المادة 14 من الدستور.

وكانت محكمة كولورادو اعتبرت أن أفعال ترامب في السادس من يناير 2021 تشملها هذه المادة.

يومها، هاجم مئات من أنصار ترامب، الذين غذّى الرئيس السابق غضبهم بتصريحاته عن تزوير انتخابي أدّى إلى خسارته، مقرّ الكونغرس الأمريكي لمحاولة منع المصادقة على فوز خصمه الديمقراطي جو بايدن.

ويؤكد محامو ترامب أن تلك الأحداث لم تشكّل تمرداً، وأنّ موكلهم لم يشارك فيها بأي شكل من الأشكال.