في 6 يونيو 1944، أبلغ بعض الجنود الألمان زعيمهم هتلر بعض الأنباء عن التطورات العسكرية على جبهة أوروبا الغربية، فاستقبل الخبر بابتسامة وارتياح. فقد نفذ الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة عملية إنزال هي الأكبر في التاريخ الحربي العالمي، وأطلق عليها لاحقاً اسم "إنزال النورماندي". 

بحسب سردية لمجلة "ديرشبيغل"، إن الجنود الألمان انتظروا استيقاظ هتلر لإبلاغه ببدء الإنزال، إذ لم يتجرأ أحد على إيقاظ "الزعيم". يقال إن الإنزال أسعد هتلر، وقال إنه لا توجد أخبار أفضل من هذه، وأضاف بثقة: "أخيراً يمكننا سحق الإنجليز". 

اعتقد الألمان في البداية أن النورماندي وهو ساحل طويل في شمال غرب فرنسا، هو الخيار الأسوأ للحلفاء لشن عملية مضادة ضد ألمانيا التي تحتل غرب أوروبا، وتقاتل في الوقت نفسه على الجبهة الشرقية ضد الاتحاد السوفييتي. فعلياً لم يتعرض الألمان إلى نذر هزيمة على جبهة أوروبا منذ إطلاق هجومهم الساحق على فرنسا في مايو 1940. أما على الجبهة السوفييتية فإن القوات الألمانية كانت تتعرض لانتكاسات متواصلة منذ شتاء 1943. 

لذلك، جاءت عملية النورماندي في غفلة ألمانية وسوء تقدير عسكري للمخاطر والثقل الأمريكي في تغيير معادلة الحرب. وصحيح أن هتلر - وفق ديرشبيغل - استقبل خبر الإنزال بابتسامة وارتياح، فإنه على الأرجح كانت ابتسامته الأخيرة. 

أُسندت قيادة العملية للجنرال دوايت إيزنهاور (رئيس أميركا لاحقا) وعُين مساعدا له الجنرال البريطاني برنارد مونتغومري، وبدأ استقدام القوات العسكرية من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وآسيا ومستعمرات فرنسا في أفريقيا.

وإنزال النورماندي هو الأكبر في التاريخ من حيث عدد السفن المستخدمة مع أسطول من 6939 سفينة و133 ألف عنصر بحري و160 ألف من جنود المشاة باغتوا الألمان على حين غرة في ساحل بلغ طوله 50 كيلومتراً. وبلغ مجموع القوات الأمريكية المشاركة في العملية 73 ألف جندي.

 قتل في هذه الإنزال 57 ألف من جنود الحلفاء، أغلبهم أمريكيون. وقتل من الجانب الألماني أكثر من 200 ألف جندي. 

تعد مدينة "سان لو" عاصمة النورماندي. ودُمّرت هذه المدينة التي وصفها الكاتب المسرحي الإيرلندي صامويل بيكيت بـ "عاصمة الأنقاض"، بنسبة 90 % ليلة الإنزال. وفي المجموع، تسبب قصف الحلفاء لدحر القوات الألمانية في سقوط 50 ألفاً إلى 70 ألف قتيل مدني، من بينهم 10 آلاف في النورماندي وحدها.

الذكرى الـ 80 للإنزال 

في الذكرى الـ 80 لعملية الإنزال، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ"روح التضحية" التي تحلى بها محررو فرنسا. وشارك في الاحتفالات الرئيس الأمريكي جو بايدن وعدد من زعماء أوروبا.

وينتقل بايدن الذي وصل قبل الظهر إلى باريس، غداً إلى شواطئ النورماندي لإحياء الذكرى الثمانين ليوم الإنزال حيث سيلتقي الملك البريطاني تشارلز الثالث والمستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا وكذلك الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.