ممسكاً يد والده الكفيف يمضي أيامه من الصباح وحتى المساء في فترة العطل من الدراسة، ومن الظهيرة حتى المساء خلال أيام المدرسة مواصلاً العمل اليومي من أجل البقاء وإعانة العائلة. لا يكتفي الطفل وائل بإرشاد والده على الطرقات في حارات وأزقة العاصمة دمشق، بل يشاركه في النداء على الزبائن كي يقبل نحوهم من يرغب بشرب الشاي أو القهوة أو ربما الشوكولا بالحليب، وأنواع أخرى من المشروبات الساخنة.
وكي لا يكون الحمل ثقيلاً على والده وحده يتقاسم الطفل وائل معه مهمة حمل معدات المشروبات الساخنة، فالوالد يحمل أبريق الماء الساخن المعروف بسوريا باسم «الترمس»، في حين يحمل الولد باقي المعدات من كؤوس وظروف شاي وغيرها من الأدوات الضرورية لمهنة الأب البسيطة.
الرجل الكفيف سامي عربشة هو بالأصل من سكان دمشق لكنه كان مقيماً قبل الأزمة في منطقة جوبر بريف دمشق، فترك منزله واضطر للنزوح مع أسرته الصغيرة المكونة من طفل وطفلة وزوجته، واستأجرا منزلاً داخل العاصمة. ولأنه كفيف لم يتمكن من اتقان مهنة صعبة وامتهن البيع المتجول من أجل إعالة العائلة.
يعرف سامي أن عمله ليس مهنة مكسبة كثيراً، لكن كل ما يهمه أن يكسب لقمته بالحلال، لقمة تكفيه والعائلة عن السؤال. وتمكن مع الأيام من بناء سمعة جيدة له، ولا تقتصر إعاقة سامي على النظر فقط، فهو يعاني من مشاكل في السمع أيضاً ويستخدم سماعة كي يسمع بشكل جيد.
يشرح وائل الذي ما زال في صفه الخامس الابتدائي بأنه يساعد والده يومياً، وحينما يرجع للمنزل يقوم بدراسة ما تلقاه خلال اليوم المدرسي، وكل أحلام وائل اليوم أن يبقوا في منزلهم المستأجر الذي سينتهي عقده نهاية شهر رمضان وهو يتمنى أن يتمكنوا من البقاء فيه وألا يخرجهم مالك المنزل بحجة زيادة الأجرة.
ولم يكن أمام الوالد والإبن سوى بيع المشروبات الساخنة المتجولة من أجل البقاء في المنزل المستأجر دون السؤال من صاحب البيت في نهاية كل شهر.. أين إيجار المنزل.!؟.