تعتبر طريقة التدريس من عوامل نجاح المنهج المدرسي أو فشله، فطريقة التدريس التي يتبعها المعلم تساهم في تحقيق الأهداف التعليمية أو عدم تحقيقها، مع التسليم أنه لا توجد طريقة تدريس معينة يمكن أن يقال عنها إنها أفضل طريقة تدريس حيث إن طريقة الإلقاء قد تكون صالحة ومثالية في أحد الدروس ولكنها ليست صالحة لدرس آخر، وهكذا فطرق التدريس تتنوع تنوعاً كبيراً تبعاً لتنوع الموقف التعليمي، وفي الدرس الواحد قد يستخدم المعلم أكثر من طريقة أو أسلوب تدريس كالمناقشة والإلقاء وحل المشكلات والاكتشاف وتمثيل الأدوار وغيرها من الأساليب التي يمكن من خلالها إثراء الموقف التعليمي بما هو مفيد ونافع. وتؤكد شيخة الشرهان معلمة اللغة العربية في مدرسة الظيت للتعليم الثانوي للبنات حاجة الميدان التربوي للتجديد والابتكار.

ومن هذا المنطلق اعتمدت شيخة الشرهان أسلوب المقامة كأسلوب من أساليب وطرق التدريس الحديثة في المرحلة الثانوية، وحصدت من خلاله إضافة إلى تجاوب الطالبات الكبير معها العديد من الجوائز على مستوى الدولة منها جائزة خليفة في مجال الإبداع في تدريس اللغة العربية على مستوى الدولة والوطن العربي وجائزة وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع لأفضل مشروع لخدمة اللغة العربية والفوز بالمركز الأول والفوز بمسابقة التجارب المدرسية التابعة لوزارة التربية والتعليم، تقول شيخة هذه تجربة أخرجت تدريس اللغة العربية من ثوبه التقليدي، فهي تهدف إلى التجديد والابتكار في دروس منهج الثاني عشر لمادة اللغة العربية وتيسير المفاهيم اللغوية وتقريب مبادئ اللغة وعرضها بأسلوب شائق ومثير وجذاب وذلك بتحويل طريقة عرض الدرس وشرحه من الطريقة التقليدية السائدة إلى طرح جديد وهو فن المقامات، وقد قوبل عملي هذا بالإحسان لما لهذه المقامات التعليمية من أهمية كبيرة في مخاطبة وجدان الطالبة وعقلها معاً وإحداث تنوع معرفي لدى الطالبات من خلال الأفكار والحوادث وما يتخللها من عمليات عقلية كالربط والتحليل والتفسير والتقويم.. وهي كذلك تزود الطالبات بذخيرة لغوية مفيدة وتعلمهن غريب اللغة والسجع وفنون البلاغة بصورة تطبيقية محببة لنفوسهن.

نظرة قريبة

تشير شيخة بأنها قامت بالمشروع بعد دراسة بينت لها حاجة الميدان التربوي إلى التجديد والابتكار ومواكبة التغيرات العصرية، كانت احد دوافعها للتفكير في المشروع، إضافة إلى كثرة العيوب اللفظية لدى الطالبات والحاجة إلى معالجتها مع تحقيق المتعة والفائدة العلمية في آن واحد، وصعوبة عملية التعلم بالأساليب التقليدية السائدة في الميدان، والحاجة إلى تعديل السلوك وتكوين اتجاهات إيجابية في شخصية الطالبة، وايجاد حل لقلة تفاعل ومشاركة الطالبات في الحصة الدراسية ومللهن.

اتجاهات حديثة

ارتبطت التجربة بالاتجاهات التربوية الحديثة فبأسلوبها القصصي يعتبر من الأساليب التربوية الحديثة التي تؤثر على النفس مصداقاً لقوله تعالى: «نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين».. باعتبار أن هذه التجربة وسيلة إعداد شخصية الطالبة، فهي تهدف إلى التعليم بالطبيعة والتطبع: أي تعلم الطالبة مبادئ التعلم بالعمل والنشاط لا بالأوامر وحشو المعلومات النظرية والتعلم بالربط بين خبرات الطالبات داخل المدرسة وخارجها وتأكيد الربط بين المعرفة النظرية والعمل والتجربة تهدف إلى توليد اهتمامات جديدة لدى الطالبات وإثارة دافعيتهن نحو التعلم وإيجاد بيئة خصبة للإبداع وتعود الطالبة الاعتماد على الذات.

عناصر الإبداع

وأوضحت شيخة ان عناصر الإبداع الأساسية متوفرة في التجربة مثل الطلاقة فالتجربة غزيرة الإنتاج، متعددة الأفكار، ملائمة لمقتضيات البيئة الواقعية ومن سماتها توليد أفكار جديدة من المعلومات المعطاءة في المقامة الواحدة، كضرب أمثلة وقصص تتفق في معنى ما، أو تضاده أو تربط جزءًا بكل، كدرس (أدوات الربط بين الجمل في العربية) والعوامل المشتركة بين دول الخليج العربية وتوليد حكاية من الموضوعين لشرح معنى أدوات الربط ولتقارب مفهوم التفكير المتشعب وغيرها من الموضوعات ذات الصلة بمنهج اللغة العربية.

مرونة وأصالة

ومن سمات التجربة المرونة، فأفكار التجربة تتسم بالمرونة والتنوع فهي تمس جميع مجالات الحياة: المجال الديني والثقافي والسياسي والاجتماعي والنفسي وغيرها من المجالات الأخرى ويمكن لهذه الأفكار أن تنظم ويعاد بناؤها والنظر في مسائلها من زوايا عدة، ومن السمات الأصالة، ففكرة التجربة متفردة وعلى الرغم من أن المقامات فن وإبداع عربي قديم، وهو فن من فنون الأدب، إلا أنه في أيامنا هذه كاد اسم المقامات ينسى وذكرها يمحى فهذه تجربة المقامات، لعلها في الميدان طرح متفرد جديد لأن من طبيعة لغتنا التجديد.

مواجهة التحديات

واستطاعت معلمة اللغة العربية أن تواجه التحديات في البداية مثل ضعف القناعة بأهمية هذا الأسلوب في التدريس، وعدم الرغبة في التجديد والتطوير عند بعض الطالبات، وعدم تجاوب الطالبات مع الأسلوب الجديد المطروح، وتخوف الطالبات من الخروج عن نطاق الكتاب المدرسي، والوقت الذي يمكن أن يستغرقه هذا الأسلوب على حساب الدرس التقليدي، لكن بخطة مدروسة سعت من خلالها إلى التوعية العامة وإبراز أهمية هذا الأسلوب في العملية التعليمية، وإعداد عرض تقديمي عن المقامات تم من خلاله الوقوف على معايير وأسس هذا الأسلوب، وتوضيح أن المقامة المطروحة مرتبطة بالمنهج المدرسي الذي تخدمه والموضوع الذي ينبغي تدريسه، وانها تدعم هدفين أساسيين في علم اللغة العربية وهما ربط دراسة اللغة العربية في الصف بالأنشطة الحياتية خارج الصف وخلق بيئة داعمة قوية لتعليم اللغة.

نتائج

المبادرة سلسلة من طرق التدريس الحديثة والتي بينت ارتفاع مستوى الطالبات التحصيلي وكان لها مؤشرات واضحة، ومن نتاجات المبادرة اكتساب الطالبات مهارة كتابة فن المقامات وإعدادهن لبعض الدروس على النمط نفسه وكان لهذه التجربة دور كبير في تحفيزهن نحو التأليف والكتابة والمشاركة في الفعاليات المدرسية والمناسبات الوطنية والدينية والاجتماعية.