«التميز ليس شعاراً نرفعه ولا أنشودة يتغنى بها المتميزون، بل إتقان للعمل وأداء للواجب» من وحي تلك الكلمات انبثقت طموحات نادية سعيد سالم الكعبي، معلمة مجال 1 في مدرسة وروضة الجود للتعليم الأساسي، الحلقة الأولى التابعة لمجلس أبوظبي للتعليم، برؤية تقود إلى استراتيجيات وخطط وتنفيذ البرامج والمشاريع التربوية.

وتوضح الكعبي أن رؤيتها لا تحيد عن إطار رؤية مجلس أبوظبي للتعليم المتمثلة في توفير نظام تعليمي ذي مستوى عالمي، يدفع جميع الطلبة نحو استغلال كامل لإمكاناتهم وقدراتهم بما يجعلهم مؤهلين للتنافس على المستوى العالمي، فهي تبتكر ألعاباً تعليمية يستمتع بها الطلاب، وأبرزها لعبة «حديقتي السرية لألعاب اللغة العربية».

مشروع مبتكر

أطلقت الكعبي مشروعاً مبتكراً يرتكز على أسس ومعايير مجلس أبوظبي للتعليم، ويحمل مشروعها اسم «حديقتي السرية لألعاب اللغة العربية»، وحصلت على حقوق الملكية الفكرية لهذا المشروع وعدة مشاريع أخرى.

وحول سؤالها عن سر اختيار الاسم، أشارت إلى أن الحديقة هي المكان المفضل لدى الطلاب والذي يستدعي الفرح والمرح، والسرية كلمة تفيد التشويق والإثارة والفضول لاكتشاف الحلول والألعاب؛ فهي الشيء الملموس وتعني به الجانب العملي، واللغة العربية هي معضلة كل مدرس حيث يجتهد ليزرع حب اللغة العربية في نفوس الطلاب والمحافظة على الهوية العربية.

وتضيف الكعبي: «المشروع مجموعة من الألعاب التعليمية المبتكرة والتي تخص مهارات اللغة العربية، وتم إعداد العديد منها بالشكل المحسوس والملموس، وتوثيقها في كتاب يحمل عنوان المشروع، ومنها تمت برمجة معظم تلك الألعاب إلكترونياً وطرحها على (الآيباد) لتكون في متناول أيدي طلابنا، إيماناً بمدى حاجتهم إلى ألعاب إضافية خارجة عن التدريبات المعتادة وذلك بهدف التأكد من وصول المعلومة بالشكل الصحيح.

ومن تلك الألعاب المبتكرة لعبة تحدي المجموعات، ولعبة الكرة المذهلة، وبرج خليفة، ومطاردة التنوين، وأبو الحروف، والهداف، والهمس الصيني، وغيرها».

أهداف سامية

لم تبتكر نادية الكعبي الألعاب التعليمية المشوقة للطلاب عن هباء، وإنما لعدة أهداف تتمثل في خلق بيئة تعليمية جذابة تثير اهتمامات الطلاب وتراعي الفروق الفردية بينهم، ورسم روح البهجة والسرور في نفوسهم، وتعزيز مهارات التفكير الابتكاري والإبداعي، وغرس قيمة احترام الوقت والنظام والنظافة، وتعريفهم على طريقة توظيف بعض الخامات في أعمالهم، والمساهمة في توفير مناخ تربوي يسمح بفرص أكبر لاكتشاف مواهب وإبداعات ومهارات الطلاب المختلفة وتوجيهها التوجيه السليم، إلى جانب بث روح الثقة في نفوس الطلاب من خلال العمل.

مشروع ابتكاري

تشير الكعبي إلى مدى الحاجة الفعلية لتنفيذ المشروع والتي تتمثل في رفع المستوى التعليمي للطلبة وضمان مشاركتهم بكل مستوياتهم من خلال بيئة ممتعة ومشوقة، ومراعاة الفروق الفردية وخاصة طلبة (ذوي الاحتياجات الخاصة) بعد دمجهم في المدارس، حيث إن التعلم باللعب يراعي جميع الفروق، كما أنه يقوي مهارة التحدث والاستماع بين الطلبة. إضافة إلى بناء جيل واعد وطموح وشخصيات قيادية مثقفة قادرة على مواجهة تحديات الحياة.

وضرورة أن يقوم المعلم بتطوير أفكاره ووسائله وطرقه بما يتناسب مع طموحات ورؤية الدولة. وقيام المعلم أيضاً بعرض خبراته على الآخرين والاستفادة منها، وبالتالي الحصول على مجموعة متنوعة من الخبرات في الألعاب التعليمية والتي تجعل من الطالب يزيد من تفاعله أثناء الحصة الدراسية.

كما يعتبر المشروع فرصة جيدة لأولياء الأمور لقضاء وقت ممتع في اللعب مع أبنائهم في جو تعليمي مفيد، يحققون أهدافاً عدة في عمل واحد فقط وهو اللعب، مما يزيد قوة الترابط بينهم ويقوي ثقافة الطفل وحبه للغة العربية.

مواجهة التحديات

واجهت الكعبي في فترة تنفيذها للمشروع الابتكاري صعوبات وتحديات عدة، منها أن معظم تلك الألعاب تحتاج إلى وقت وجهد، وميزانية، إضافة إلى أن الشركات والمؤسسات التي تتبنى مثل تلك المشاريع المنتجة والمبتكرة قليلة، وتم تخطي ذلك من خلال تنظيم التخطيط الزمني للأعمال والقيام بالأعمال الموكلة أولاً بأول.

وتتابع الكعبي: واجهنا أيضاً صعوبة التعاون مع بعض أولياء الأمور لما فيه مصلحة الطالب، وتم التغلب على بعضها من خلال التواصل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.

فرحة التكريم

من الصعب أن تصف الكعبي شعورها إثر تكريمها من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، لفوزها بجائزة الإمارات للمعلم المبتكر، والتي تطرح لأول مرة.

مؤكدة أن الجائزة جاءت لرفع مكانة المعلم والمعلمة في الدولة، وإثبات قدراتهم على الإبداع والابتكار. وأضافت الكعبي: «يعتبر يوم التكريم من أجمل اللحظات في حياتي، شعرت بالفخر والاعتزاز بوقوفي بجانب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وقد غمرتني مشاعر السعادة والبهجة والسرور، الأمر الذي أعطاني دافعاً وحافزاً لبذل المزيد من العطاء والاعتزاز بمهنة المعلم.

كما شعرت بالفخر والاعتزاز بتكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لنا نحن المعلمات الفائزات».

جديد ومبتكر

يتمثل جديد نادية الكعبي في استكمال المشروع ببرمجة باقي الألعاب إلكترونياً، وابتكار ألعاب جديدة تخدم مهارات اللغة العربية، بالإضافة إلى الاستمرار بتنفيذ مشروع «بين يدي قصة» والوصول بالمشروع عربياً وعالمياً، وتطبيق كل ما هو جديد من استراتيجيات القرن 21 بما يتناسب مع متطلبات ومعايير مجلس أبوظبي.

معايير

حققت الكعبي نجاحاً في تنفيذ مشروعها التعليمي الابتكاري بحصولها على الدعم من مجلس أبوظبي للتعليم من خلال المعايير التي تعلمت منها الكثير، بل ارتكزت عليها في معظم خططها وبرامجها مما كان له الأثر في عملية تنظيم وترتيب المشاريع. وهناك العديد من الأشخاص الذين قاموا بتقديم الدعم اللازم لها ومنهم والدتها، وتشجيع زوجها وأبنائها، خاصة ابنتها مهرة التي تشاركها في تصميم وتنفيذ الألعاب الإلكترونية والبحث عن كل ما هو جديد.