أكد سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، أن الإمارات تضع رهانها الكامل على التعليم، وسوف تحقق القفزة المطلوبة، مشيراً سموه إلى أن قطاع التعليم يشترك مع الثقافة في صياغة المستقبل، وبتعدد الخبرات، يتكامل القطاعان في وضع الأسس الاستراتيجية لتطبيق منهج التربية الأخلاقية.

وأضاف سموه: «ينطلق التعليم من أسس علمية حديثة، واستراتيجيته تتحدد بقدرة منهج التربية الأخلاقية، بأن يكون مؤثراً وفاعلاً في تمكين المستقبل ودفع عجلة التنمية».

جاء ذلك خلال حضور سموه أمس، فعاليات الدورة الأولى من «ملتقى مديري المدارس»، التي أقيمت في دبي، حيث يشكل الملتقى منصة تعاونية لقيادات قطاع التعليم. وأضاف سموه، شهدنا انطلاق ملتقى مديري المدارس 2017، الذي تتضافر فيه خبرات أكثر من 1300 مدرسة لمناقشة هدف واحد، وهو السبل الناجعة لتطبيق التربية الأخلاقية، جاء ذلك في تدوينة لسموه على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وختم سموه بالقول: «شهد اليوم محطة حاسمة على طريق تطبيق منهج التربية الأخلاقية.. الإمارات تضع رهانها الكامل على التعليم، وسوف تحقق القفزة المطلوبة».

وجمع الملتقى، الذي نظمته «لجنة التربية الأخلاقية»، التي تضم ديوان ولي عهد أبوظبي، ووزارة التربية والتعليم، ومجلس أبوظبي للتعليم، وهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، للمرة الأولى، كبار المسؤولين الحكوميين في قطاع التعليم ومديري مدارس حكومية وخاصة، يشكلون خبرات 1300 مدرسة، هي إجمالي عدد المدارس العاملة في دولة الإمارات، بهدف التباحث ووضع الخطط والتوصيات الخاصة بتطبيق منهج «التربية الأخلاقية» في جميع مدارس الدولة.

وبدأ سموه جولته في منطقة «الشرفة»، التي اطلع فيها على الركائز الأساسية لبرنامج التربية الأخلاقية، ثم زار مختبر الابتكار الذي اطلع فيه على التطبيق التجريبي للمنهج في عدد من مدارس الدولة، كما قام سموه بتفقد «منصة التعليم»، التي اطلع فيها على عدد من المبادرات التعليمية المبتكرة.

وحضر سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، جلسة عُقدت تحت عنوان «مهارات القرن الواحد والعشرين لقادة المدارس»، ناقشت المهارات التي يجب على مديري المدارس تطويرها للتقارب مع الأجيال الجديدة، وكيف يمكن للتربويين تعزيز خصال الإبداع والابتكار والتواصل والتفكير الناقد لدى الطلبة، والاستمرار في دورهم، كمصدر للإلهام والقيادة، بطريقة تشجع المشاركة الفاعلة للطلبة وأولياء الأمور والمعلمين والمجتمع بشكل عام.

ريادة الإمارات

وكان سموه قد قام صباح أمس بزيارة مدرسة «خديجة للبنات - حلقة ثانية» في عجمان، إحدى المدارس التي تم إطلاق تدريس منهج التربية الأخلاقية فيها بشكل تجريبي، حيث كان في استقباله الشيخ راشد بن حميد النعيمي رئيس دائرة البلدية والتخطيط في عجمان، والتقى سموه عدداً من المسؤولين والمعلمين الذين عبروا عن فخرهم واعتزازهم بهذه الزيارة، مشيرين إلى أن قيادة دولة الإمارات، أطلقت المبادرات لجعل العملية التعليمية في الدولة ضمن الأفضل في العالم، وكان أحدثها «منهج التربية الأخلاقية»، الذي سيتم تطبيقه في مختلف المدارس الحكومية والخاصة بدولة الإمارات، وهو ما يؤكد ريادة دولة الإمارات في الابتكار، لتطوير العملية التعليمية بكافة جوانبها، وتم إعداده ليشمل مختلف المفاهيم والتعاليم التربوية التي تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا، وتراثنا وهويتنا الأصيلة، فضلاً عن القواسم المشتركة التي تجمعنا بالإنسانية.

غرس شجرة

وقام سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، بغرس شجرة غاف داخل فناء المدرسة، التي أصبحت رمزاً لمنهج التربية الأخلاقية، نظراً لارتباطها بتراث دولة الإمارات، الذي يتمثل في القيم النبيلة والفضائل العليا، ليتم غرسها في نفوس الأطفال بشكل مدروس ومنهجي، لمساعدتهم على ممارسة الحياة المجتمعية بشكل إيجابي، وليصبحوا أجيالاً واعدة، تعتز بقيمها وثوابتها، وتحتفي بتاريخها، وتفتخر بحاضرها، وتكون قادرة على تحقيق الريادة لوطنها، ورفع رايته في كافة المحافل والميادين.

وتعقيباً على ذلك، قال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان: «زرعنا شجرة الغاف مع أخي راشد بن حميد النعيمي، ستكون جذورها راسخة في الأرض وفروعها سامقة، إننا نغرس بذلك بداية واثقة لمنهج التربية الأخلاقية».

وجرى تصميم منهج التربية الأخلاقية، ليتناسب مع الطلبة في جميع أنحاء دولة الإمارات من مختلف الأعمار والجنسيات والخلفيات الثقافية والعرقية، بهدف تزويد أجيال المستقبل بالمهارات الحياتية والعملية اللازمة للتنافس في بيئة سريعة التغير، وتكثيف مساهماتهم في المجتمع الأوسع، من خلال تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، التي تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا، وتراثنا وهويتنا الأصيلة، والتأكيد على القيم النبيلة والدعوة للحب والتسامح والتعاون، الذي يليق بالإنسان للوصول إلى مجتمع مستدام، يتميز بالسعادة والرخاء والرفاه الاجتماعي.

وشارك في الدورة الافتتاحية من ملتقى مديري المدارس، والتي أقيمت تحت شعار «نحو بلورة مستقبل التربية الأخلاقية في دولة الإمارات العربية المتحدة»، مجموعة من كبار المسؤولين والخبراء في قطاع التعليم من داخل الدولة وخارجها، من بينهم معالي حسين إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، ومعالي جميلة سالم المهيري وزيرة الدولة لشؤون التعليم العام، ومعالي عهود الرومي وزيرة دولة للسعادة، والدكتور علي راشد النعيمي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، ومحمد المبارك رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وسيف غباش مدير عام هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، والدكتور عبد الله الكرم رئيس مجلس المديرين، مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، وعمر سيف غباش سفير دولة الإمارات في روسيا، والشيخة خلود بنت صقر القاسمي وكيل الوزارة المساعد لقطاع الرقابة في وزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى عدد من كبار الشخصيات والمتحدثين من دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها.

أولوية استراتيجية

وقال معالي حسين إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم: «تضع قيادتنا الرشيدة، التعليم في مقدم الأولويات الاستراتيجية، وتعمل على الموازنة بين الجانب الأكاديمي للطلبة والجانب القيمي، لذلك، مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والمتمثلة بإطلاق منهاج للتربية الأخلاقية ليست أمراً غريباً على دولة الإمارات وقيادتها الحكيمة التي تسعى إلى تحقيق الريادة في مختلف المجالات».

وأضاف: «تهدف مادة التربية الأخلاقية، إلى غرس العديد من القيم الأصيلة في نفوس الطلبة من مختلف الجنسيات، ومنحهم القدرة على اتخاذ القرار السليم في المواقف المختلفة.. ونحن نهدف إلى التطوير المستمر في هذه المادة، لتواكب المستجدات والتطورات العالمية، ما سيخلق نموذجاً متميزاً للتربية الأخلاقية في دولة الإمارات، تحتذي به باقي دول العالم».

وتابع معاليه أن المنظومة التعليمية في الدولة، تهدف إلى بناء الطالب في مختلف الجوانب، لذلك، تعتبر مادة التربية الأخلاقية إضافة مميزة، واستكمالاً لرؤية القيادة الحكيمة في تطوير فلسفة خاصة بالتعليم في دولة الإمارات.

وتوجه معاليه بالكلمة إلى مديري المدارس، قائلاً: «أنتم من تبنون قادة المستقبل، من خلال زرع الصفات الحميدة في نفوس الطلبة، مثل التسامح والانفتاح، وتحمل المسؤولية والمساهمة الإيجابية في المجتمع، ليتمكنوا من المساهمة في جهود الدولة للتحول إلى اقتصاد قائم على المعرفة.. إن التنوع السكاني الموجود داخل الدولة، يؤهلها لتحقيق مزيد من التقدم في الوصول إلى الريادة، لذا، فتحقيق التكامل بين الثقافات المتنوعة داخل الدولة، يعد أمراً ضرورياً، يوحد أفراد المجتمع، ويمكنهم من دحض الأفكار المتطرفة والحفاظ على مكتسبات الوطن».

التعليم والأخلاق

من جهته، قال الدكتور علي راشد النعيمي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم: «إن التعليم المتكامل يجب أن يقترن بالأخلاق والخصال الحميدة، فمن خلال المدرسة والأسرة والمجتمع، يمكننا تزويد الطلبة في دولة الإمارات بالمبادئ والسبل التي تجعل منهم قادة المستقبل. وإننا فخورون بقيادتنا الرشيدة، التي وفرت لنا كل الدعم للمشاركة في العملية التنموية لدولة الإمارات، من خلال الاهتمام ببناء الإنسان وتنشئته على القيم الإنسانية المشتركة».

وقال محمد خليفة المبارك رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، في كلمته بالجلسة الحوارية، بعنوان «ما الذي ستقدمه التربية الأخلاقية لدولة الإمارات العربية المتحدة»، التي شاركت فيها معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للسعادة: «نثمن الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في إطلاقه مادة «التربية الأخلاقية»، لما يعنيه ذلك من حرص سموه على تعزيز مناهج التعليم، وترسيخ الهوية الوطنية والمنظومة الأخلاقية في نفوس الطلبة، كما نشكر سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، لما يبذله من جهد في متابعة تنفيذ هذه المبادرة، وصولاً إلى تحقيق أهدافها التي تصب في خدمة الوطن وريادة أبنائه».

تواصل

وقال سيف سعيد غباش، مدير عام هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في الجلسة الحوارية بعنوان «الأخلاق خارج قاعة الدراسة»: «التواصل بين المعلمين والطلاب خارج الفصول الدراسية، يخلق علاقات إيجابية، ما يجعل المعلمين قدوة لأبنائنا. هؤلاء الشباب، الذين هم قادة المستقبل، أكثر ذكاءً في طريقة تعاملهم مع المعلومة واستفادتهم منها، فهم مدفوعون بحب المعرفة والبحث، وأفضل وسيلة لتواصل المعلمين معهم، هو أن يظهروا لهم تقديرهم لقدراتهم في التعلم باستمرار».

انطلاقة نوعية

وعلق الدكتور عبد الله الكرم رئيس مجلس المديرين، مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية، قائلاً: «نشهد اليوم انطلاقة نوعية جديدة، تواكب منظومة التعليم الإيجابي، والتي تركز على تحفيز الأداء الأكاديمي لطلبة اليوم وقادة المستقبل، من خلال ربطهم بمحيطهم الاجتماعي، الذي يحظى بتنوع فريد من نوعه داخل وخارج الحرم المدرسي، بالإضافة إلى تزويدهم بالمهارات المستقبلية، التي تعزز من تنافسية الخريجين على المستويين الإقليمي والدولي، لافتاً إلى أن تشارك أفضل الممارسات وبناء شبكة من التعاون والحوار البنّاء بين الأطراف المعنية كافة من المشاركين في الملتقى، من شأنه المساهمة في بلوغ الأهداف الوطنية ببناء جيل مسؤول ومثقف ومعطاء ومبادر، وجاهز للتفاعل مع محيطه وعالمه، ونشر قيم التسامح، بما يعزز من مسيرة دولة الإمارات على مختلف الصعد».

وشمل الملتقى، العديد من الفعاليات التي من شأنها المساهمة في تحويل مستقبل التربية والتعليم في دولة الإمارات، حيث شهد الحدث إقامة جلسات تفاعلية، مثل «مختبر الابتكار»، وقام مديرو المدارس الـ 19 التي بدأ تطبيق المرحلة التجريبية من منهج التربية الأخلاقية فيها يناير الماضي، بالعمل معاً لمشاركة أبرز الدروس المستفادة وأفضل الممارسات، بالإضافة إلى قاعة الشرفة، والتي وفرت فرصة للمشاركين للتواصل وتبادل الآراء.

الأول من نوعه

يعتبر برنامج «التربية الأخلاقية»، الأول من نوعه على مستوى منطقة الشرق الأوسط، ويربط بين الجذور الثقافية والموروثات والماضي العريق لدولة الإمارات من جهة، والقيم المعاصرة والانفتاح وتقبل مختلف الثقافات من جهة أخرى. ولعل أهمية برنامج التربية الأخلاقية، الذي سيتم تطبيقه في المدارس الحكومية والخاصة، تكمن في أنه منهج تقدمي مبني على أساليب التعلم التفاعلية، التي تتخطى حدود الفصول الدراسية، وهذا من شأنه أن يترك أثراً أكبر في حياة الطلاب، ويساعد على تحقيق الأهداف المرجوة من البرنامج.

توصيات

اختتم الملتقى فعالياته، من خلال قيام مديري ومسؤولي المدارس، بتقديم تقرير يضم مجموعة من التوصيات للمساعدة على ضمان التطبيق الناجح لمنهج التربية الأخلاقية على المستوى الوطني في جميع مدارس دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر سبتمبر من العام الجاري 2017.

وركزت فعاليات «ملتقى مديري المدارس»، على الدور المحوري للمديرين والمعلمين لمساعدة الجميع على إدراك المعنى الأصيل والقيمة الحقيقية للتربية الأخلاقية، مع تسليط الضوء على الركائز الأساسية الأربع للمناهج، والتي تتكون من الشخصية والأخلاق، والفرد والمجتمع، والدراسات المدنية، والدراسات الثقافية.