يمكث جنين حيوان الكنغر الأسترالي في بطن أمه لمدة شهر أو 40 يوما على أكثر تقدير، ويولد بطول 2 سنتمتر ووزن 8 غرامات، وبعد الولادة مباشرة يتمسك بفرو الأم بقوة وخلال ثلاث دقائق يزحف ليدخل الجراب ثم يلتقط حلمة الرضاعة فيأكل وينام لمدة 190 يوما قبل أن يخرج للمرة الأولى إلى العالم الخارجي فتيا قويا.واكتشف الأطباء أن «طريقة الكنغر» في رعاية وليده هي الطريقة المثلى لرعاية الأطفال المبتسرين (الخدج) من خلال حمل الأم لطفلها المولود قبل موعده بحيث يلامس جلده جلدها دعما لمشاعر الدفء والحنان وإرضاعه رضاعة طبيعية على فترات متقاربة.

خفض الوفيات

وتعتبر «رعاية الأم لوليدها على طريقة الكنغر» إحدى طرق رعاية الرضع الخدج الذين تقل أوزانهم عن 2 كيلوغرام، وتشمل الرضاعة الطبيعية الحصرية والمتكررة بالإضافة إلى ملامسة جلد الأم لجلد الوليد وتقديم الدعم إلى ثنائي الأم ورضيعها.

وأثبتت دراسات أُجريت في مستشفيات موجودة في بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل أن اتباع هذه الطريقة يخفض معدلات الوفيات وأن تقديم وثيقة «رعاية الأم لوليدها على طريقة الكنغر: دليل عملي» صادرة عن منظمة الصحة العالمية تتضمن إرشادات بشأن كيفية تنظيم الخدمات في المنشآت الصحية والاحتياجات اللازمة لتوفير «رعاية الأم لوليدها على طريقة الكنغر» على نحوٍ فعال يدلل على أهمية هذه الطريقة في الحفاظ على حياة الأطفال الخدج.

وقال الدكتور إياد سعدة استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة رئيس قسم الخدج وحديثي الولادة في مستشفى النور إن الدراسات العلمية الحديثة أكدت بما لا يدع مجالا للشك أن رعاية أو «طريقة الكنغر» للأطفال الخدج تقلل من نسبة وفيات الأطفال المبتسرين بنسبة 50% إلى جانب زيادة الرابط النفسي بين الطفل وأمه حيث يتم وضع الطفل بدون ملابس وبشكل رأسي على صدر الأم وتغطيته بملابس الأم بحيث يلامس جلدها ويشعر بدقات قلبها فيدعم ذلك إحساسه بالراحة والطمأنينة والأمان خاصة في حال الرضاعة الطبيعية على فترات قريبة.

ظاهرة عالمية

ويُعرف الأطباء المواليد المبتسرين بأنهم المواليد الذين يولدون أحياء قبل استكمالهم 37 أسبوعا من الحمل، وتقول منظمة الصحة العالمية إنه على صعيد 184 دولة في العالم تتراوح معدلات الولادة المبتسرة ما بين 5% و18% من المواليد، حيث يولد ما يقدر بنحو 15 مليون مولود سنويا قبل الأوان، أي أكثر من مولود واحد من كل 10 مواليد، ويموت نحو مليون طفل سنويا نتيجة لمضاعفات الولادة المبتسرة فيما يواجه العديد من الناجين حياة العجز بما في ذلك صعوبات التعلم ومشكلات البصر والسمع.

ويؤكد الأطباء بأنه يمكن إنقاذ أكثر من ثلاثة أرباع المواليد المبتسرين بواسطة الرعاية ذات الجدوى والعالية المردود، مثل تقديم خدمات الرعاية الأساسية لجميع الأمهات والرضع أثناء الولادة وما بعدها، حقن الأم بالستيرويد قبل الولادة (للنساء الحوامل المعرضات لمخاطر المخاض قبل الأوان لتعزيز رئة الوليد)، ورعاية الأم لوليدها على طريقة الكنغر تحمل الأم طفلها بحيث يلامس جلده جلدها وترضعه رضاعة طبيعية على فترات متقاربة، والمضادات الحيوية لعلاج حالات العدوى التي يصاب بها الوليد.

أسباب غامضة

وبحسب الدكتور إياد سعدة تحدث الولادة المبتسرة لأسباب مختلفة ومعظم حالات الولادة المبتسرة تقع تلقائيا، ولكن بعض الحالات تنتج عن تحريض المخاض أو الولادة القيصرية، سواء لأسباب طبية أو لأسباب غير طبية، بيد أن 50% من حالات الولادة المبكرة لا يمكن تحديد أسبابها.

وتشمل الأسباب الشائعة للولادة المبتسرة الحمل المتعدد، حالات العدوى والتهابات الأغشية الجنينية وهي الأكثر شيوعا، والحالات الصحية المزمنة مثل داء السكري وارتفاع ضغط الدم، ومع ذلك ففي كثير من الأحيان لا يمكن تحديد السبب، وقد يكون هناك أيضاً أثر وراثي ومن شأن زيادة فهم أسباب وآليات الولادة المبتسرة أن يساعد على إحراز التقدم في وضع الحلول لمنع حدوثها.

عناية فائقة في الدولة

وأكد الدكتور سعدة أن جميع مستشفيات الدولة توفر عناية فائقة في أقسام الولادة حيث إن معظم الولادات تتم في المؤسسات الصحية ويحظى الأطفال الخدج برعاية فائقة (NICU) بحضور طاقم طبي وتمريضي متكامل ومتخصص، مشيرا إلى أنه بجانب الاعتماد على طريقة الكنغر فإن الأطفال الخدج يحتاجون إلى التنفس الصناعي والمغذيات الوريدية أو نقل الدم في أغلب الأحيان مع المراقبة المستمرة في وحدة العناية بالأطفال الخدج.

الدكتور بول بوسيو، المدير الطبي التنفيذي في مستشفى الكورنيش في أبوظبي لفت الى أنه يعد أكبر مستشفى للولادة على مستوى الدولة إذ يستقبل حوالي 8 آلاف طفل يولدون في المستشفى كل عام منهم حوالي 700 مولود يولدون قبل موعدهم ويدخلون إلى وحدة العناية الحثيثة لحديثي الولادة بسبب مضاعفات طفيفة أو خطرة.

183 سريراً

يضم مستشفى الكورنيش 183 سريرا، ليكون أكبر مستشفى للولادة ورعاية المواليد في الإمارات، وهو مملوك لشركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة)، التي تديره وتتولى مسؤولية تقييم كافة المستشفيات والعيادات الحكومية في الإمارة كما يعتبر المستشفى المركز الإقليمي لإحالة حالات الحمل المهدد والخبرات المتميزة في طب الأجنة، مما ساهم في دخول 1000 طفل سنوياً إلى وحدة العناية الحثيثة بحديثي الولادة، والتي تضم 64 سريراً.