حصان يستدعينا الى قراءة قصة حياته ويحفّزنا على ترك الحدس على سجيته، وهو ينقلنا من شرفة ربيعية نقطف فيها الأزهار الى شرفة خريفية نلم فيها الأوراق.. ثم يتركنا في الشرفة الشتوية التي تتجمع فيها قطرات المطر وتسيل في جدول بديع. واذ يثير إعجابنا ونسأل عما يريد، يصهل ويشير الى لائحة الكتب الأكثر مبيعا في العالم التي مكث فيها 60 أسبوعا وباع 50 مليون نسخة!

ثم لا يمهلنا ويتحدث عن ولادته والتصاقه بأمه الى أن بدأ يأكل العشب ويتجول بحرية وكسل في المروج الخضراء. والرواية التي ألفتها الاديبة الانجليزية، آنا سويل، مثلت منشأ وحضن (ادب الحيوان الروائي)، كما أكد نقاد كثر. كما أنها دخلت المناهج التعليمية في بعض المدارس، وكان لها دور في ظهور علم »الايكولوجيا« الذي يدرس العلاقات بين الكائنات الحية.

الدرس الأول

بعد مدة تبدأ مرحلة تدريبه ثم يشارك في أول رحلة صيد ويشاهد الكلاب تركض بسرعة وراء أرنب بري.. والصيادين على الخيول المندفعة وراءها.

يعترضهم سور عال فتقفز الخيول فوقه ما عدا اثنين، يموت أحدهما مع الصياد. تعلق أمه على هذا الحادث المؤلم وتقول له: أخيرا اصطادوا الأرنب، لكن بثمن كبير جدا! لا تغامر، لا تخاطر بحياتك لأجل شيء زهيد! ثم توصيه: كن لطيفا، لا ترفس ولا تعض، اعمل بنشاط وروح عالية، فيحبك الناس.

الموضة السائدة

يشتريه الملاك غوردون، وتحبه زوجته وتسميه »الجمال الأسود« لأنه أسود اللون وله غرة بيضاء في جبينه وتناديه بيوتي. وفي المزرعة الجديدة، يتعرف على السائس جون مانلي الذي يعامله برفق ويدربه على جر العربة، والصبي جيمس هوارد الذي يعتني به، والمهرة جينغرالتي توبخه لأنه ودود مع الناس، والمهر ميريلغز الذي ينقل ابنتي غوردون، ..

الحصان ذي الذنب المقطوع اوليفر. يستغرب بيوتي ويسأله عن ذنبه. يقول اوليفر: إنها الموضة هذه الأيام! يقطعون ذيول الخيول التي تجر العربات. وهذا مؤلم جدا لأن الفرس لن يستطيع أن يطرد الحشرات التي تعضعه وتلسعه.

يستخدمون أيضا اللجام الكابح الذي يشد رأس الفرس باتجاه الصدر ويجعل رقبته مثل القوس، فيصعب عليه التنفس وتؤلمه رقبته. كما يضعون غمامتين على عينيه تمنعانه من الرؤية بوضوح. هكذا يحبون أن يظهر حصان العربة.

العقل والغريزة

في أحد الأيام يعود غوردون ومانلي من رحلة عمل في البلدة في العربة التي يجرها بيوتي. فجأة تهب عاصفة ماطرة هوجاء وتقلع شجرة صنوبر تسد الطريق. فيأخذ مانلي الطريق الفرعي الوعر. وعندما تصل العربة الى الجسر الصغير فوق النهر الهائج، يقف بيوتي مترددا. يحثه مانلي على عبوره، فيرفض. يضربه بالسوط ضربة خفيفة ثم قوية..

لكنه لا يتحرك. يغضب مانلي وينزل من العربة، ثم يقف جامدا وهو يسمع صوت انهيار الجسر.. كان مكسورا ومياه المطر تغطي القسم المكسور. أنقذهم بيوتي من الموت غرقا! يقول غوردون: سبحان الله، أعطى الإنسان العقل ليميز بين الخير والشر وأعطى الحيوان غريزة يدرك بها الشر قبل العقل.

الجهل مثل الظلم

تسوء صحة السيدة غوردون وتحتاج الى عناية سريعة. فيبذل بيوتي كل طاقته ويعدو بأقصى سرعة الى البلدة ثم يعود حاملا الطبيب وايت. يسرع الطبيب الى السيدة غودرون، تاركا بيوتي مقطوع النفس والعرق يسيل من جسمه.

لا يعرف صبي الاسطبل الجديد، قليل الخبرة، جوي غرين كيف يريحه، فيمرض ويعجز عن الحركة. يغضب مانلي على جوي الذي لم يجفف عرق بيوتي ويغطيه ببطانية. وعندما يدافع والده عنه ويقول إن اهماله نتج عن جهل وليس عن قصد، يرد عليه مانلي حانقا: الجهل مثل الظلم، الجهل مؤذٍ مثل القسوة، بغض النظر عن النيات.

الشرفة الخريفية

يتفانى جوي في خدمة بيوتي حتى يتعافى. لكن صحة السيدة غوردون تسوء. فيغادر زوجها، عملا بنصيحة الأطباء، مع عائلته، من الريف الى مكان أقل برودة ورطوبة. ويبيع بيوتي وجينغر الى اللورد ويستلاند في ايرل هوول. ويتولى السائس روبين سميث رعاية بيوتي، وهو سائس ماهر وطيب لكنه مدمن على الخمر. في أحد الأيام يحدو بيوتي وهو مخمور .

ولا يثبّت الحدوات جيدا في حوافره. وفي اليوم التالي، تفلت حدوة وهو يجر العربة بسرعة، فيسقط على ركبتيه ويصاب بجروح عميقة. تندمل جروحه بعد مدة وتترك ندبتين في رجليه. لم يعد جميلاً! يبيعه اللورد ثم ينتقل من مشترٍ الى غيره ومن سيد الى آخر. وينتهي به المطاف أن يصبح حصانا للأجرة.

الشرفة الشتوية

يشفق عليه باري ويشتريه، لكن السائس فليتشر يجوّعه ويبيع طعامه الى المزرعة المجاورة، والسائس الثاني يهمله فيمرض. يشتريه جيري الطيب ويستخدمه في جر العربة في لندن. وفي أحد الأيام، يصادف جينغر وهي تجر عربة مثله، وبعد مدة، يرى عربة تحمل جثتها. يمرض جيري ويبيعه الى مزارع يتاجر بالذرة.

وهناك ينهكونه بحمل ما لا يطيقه، فتنهار قواه ويضعف جسمه. ثم يشتريه مؤجر للخيول ويبيعه لأنه عجوز. تشتريه بلومفيلد وويلي، وتأخذانه الى الريف. وفي الاسطبل، يشعر بيوتي بالسرور حين يجد أن السائس الشاب هو جوي غرين، ويفرح جوي كثيرا حين يغسل رأسه ويرى الغرة البيضاء. إنه بيوتي!

المغزى والهدف

لعب الحصان دورا حيويا في المجتمع الانجليزي في القرن التاسع عشر.. ومع ذلك كانوا يسيئون معاملته. وأول أهداف هذه الرواية الدعوة الى معاملته بلطف. بيد أن القارئ سرعان ما يستغرب حين يجد هذا الحصان يتحدث عن الإنسان ومشاكله ويكشف له عما يجهله.

كما ان العمل يطلعنا على أنماط مختلفة من البشر في ذلك المجتمع وينتقد بسخرية، أبرز عيوبه وهو التمسك بالمظاهر والقشور..غير انه يبقى أهم أهدافه إنصاف العجزة والمعاقين ومعاملتهم بلطف وإنسانية. ومؤلفة الرواية واحدة منهم.

المؤلفة والرواية

عندما كانت آنا سويل طالبة في الرابعة عشرة، عادت في يوم ماطر من المدرسة وركضت لتتجنب المطر، فوقعت على ركبتيها وتأذت في كاحلي قدميها. ونتيجة المعالجة الطبية الخاطئة أُصيبت بعجز دائم.. وهذه الحادثة تعيد الى الأذهان سقوط بيوتي وإصابته بعاهة دائمة. ومنذ ذلك الحين، اعتمدت على حصانها ميريلغز، ونشأت بينهما علاقة حميمة.

كتبت آنا هذه الرواية، التي لم تكتب غيرها، وهي في السرير، وعبرت فيها عن تعاطفها مع حصانها واشتكت من القسوة وسوء معاملة الجياد. وهي خلال ذلك، تفرج عن همومها ومعاناتها وتشتكي من الاهمال والمعاملة اللإنسانية لذوي الاحتياجات الخاصة.

حصلت آنا حين نشرت روايتها دار غارولد وأولاده سنة 1877 على عشرين جنيها وفرحت كثيرا لذلك. وفي مدة قصيرة، حطمت الرواية الأرقام القياسية في المبيع.. وجنت أكثر من مئة مليون جنيه. لكن الكاتبة لم تنعم بذلك. إذ ماتت بعد خمسة شهور من ذلك النجاح العالمي.

في الأدب

1979

استلهم العمل في مجموعة من الروايات، كما تحول الى ستة أفلام وثلاثة مسلسلات تلفزيونية.. أبرزها: رواية »ستاليون الأسود« للكاتب ولتر فارلي. وتدور حول اليك رامسي الذي تتحطم سفينته ويجد نفسه في جزيرة مهجورة، مع حصان عربي يصبح صديقا له. وهذا العمل، أيضا، تحولت الى فيلم سنة 1979.

1941

1943 رواية »صديقتي فيلكا« للكاتبة ماري اوهارا، وموضوعها صداقة بين كاترين ومهرة. تحولت الى فيلم سنة 1943 .. والى مسلسل تلفزيوني عام 1956.

1995

1998 رواية »الهامس للحصان« للكاتب نيكولاس ايفانز، وموضوعها صداقة بين المراهقة غريس مالكلين والحصان بليغريم. تحولت الى فيلم أخرجه ومثله روبرت ريدفورد 1998.

1997 : الفيلم الوثائقي »باك« الذي أعده سيندي ميهل.

في السينما

1917 »خادمك المطيع« إخراج ادوارد غريفيث.

1921 »الجمال الأسود« إخراج ديفيد سميث.

1946 »الجمال الأسود« إخراج ماكس نوسيك.

 في المسرح

2011 حولت الى مسرحية، كتب نصها جيمس ستون وعرضت للمرة الاولى بنجاح كبير في مسرح بروتون هوول في سوري.