أشار تقرير لـ"صندوق النقد" إلى ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في سوق العمل الخليجي في سبيل تعزيز الإنتاجية وتحقيق التنويع الاقتصادي ودفع التنمية الشاملة وبالنظر إلى نتائج التقرير تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في سياسات التوظيف وتوجيه الاقتصاديات الخليجية نحو زيادة معدلات التوطين في القطاع الخاص الذي يجذب في الغالب العمالة الوافدة في الوقت الذي يستقطب فيه القطاع العام الشريحة الأكبر من المواطنين.
وفي الآونة الأخيرة حققت دول الخليج نمواً مطّرداً في القطاعات غير النفطية مدعومةً بالإنفاق الحكومي المتزايد لتجسيد أهداف سياسة التنويع الاقتصادي وانعكس هذا النمو بصورة إيجابية على قطاع التوظيف الذي شهد نشاطاً ملحوظاً وهو ما عزز بدوره تنافسية المنطقة التي باتت اليوم في مصاف أبرز أسواق العمل الواعدة في العالم.
وأظهرت سوق العمل الخليجية مرونة عالية وقدرة كبيرة على مواكبة المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية لتساهم بصورة رئيسية في دفع عجلة النمو وزيادة مؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الدول الخليجية التي خطت خطوات سبّاقة على صعيد تحسين مستويات المعيشة على مدى العقود القليلة الماضية.
وبالنظر إلى تجربة دول الخليج نجد أنّ العمالة الأجنبية لعبت الدور الأبرز في دعم الإنجازات المتلاحقة على صعيد تسريع وتيرة نمو القطاعات غير النفطية والحد من معدلات التضخم. وفي ظل المؤشرات الراهنة تتزايد بعض المخاوف المرتبطة بإمكانية تحقيق التوازن النسبي بين القوى العاملة المواطنة والوافدة لا سيّما مع تركز الغالبية العظمى من المواطنين في القطاع العام على حساب القطاع الخاص الذي يضم في الغالب العمالة الأجنبية الوافدة.
وفي الوقت الذي يرى فيه البعض بأنّ زيادة معدلات التوظيف في القطاع العام ربما تكون قد أثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على توفير فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص، يتخوف البعض الآخر من ارتفاع معدلات البطالة استناداً إلى التوقعات التي تفيد بأنّ الوظائف المتاحة ضمن القطاع الخاص لن تكفي سوى لعدد محدود من القوى العاملة الجديدة، في ظل التزايد السريع في أعداد الشباب واستمرار القطاع العام في اتباع سياسات التوظيف الحالية.
ومما لا شكّ فيه بأنّ دول الخليج العربي حققت نقلة نوعية على صعيد التعليم والتدريب المهني وإن لم تنعكس بصورة مباشرة على زيادة إنتاجية القوى العاملة لذا لا بد من وضع خطط شاملة لربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل.