شدد معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة، على الدور الريادي لدولة الإمارات في قطاع الطاقة المتجددة على مستوى العالم، مؤكداً أن المشاريع الكبيرة التي أطلقتها الإمارات سجلت المساهمة الأهم في خفض تكلفة إنتاج الطاقة عبر الألواح الشمسية عالمياً.
جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية للجمعية العمومية الثامنة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، التي بدأت أعمالها أمس، في فندق سانت ريجنس بجزيرة السعديات في أبوظبي، بمشاركة أكثر من 154 دولة لمناقشة أعمال الطاقة المتجددة العالمية وتحديد واتخاذ خطوات ملموسة للتعجيل بالتحول العالمي للطاقة.
وذكر الزيودي أن مشروع مجمع أبوظبي للطاقة الشمسية حقق رقماً قياسياً لتكلفة الإنتاج بلغ 2.42 سنت أميركي لكل كيلو واط / ساعة للألواح الكهروضوئية، كما تلقى مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية عرضاً قياسياً آخر بلغت كلفة الإنتاج فيه 7.3 سنتات لكل كيلو واط / ساعة للطاقة الشمسية المركزة، كما قدمت شركة مصدر العرض الأقل تكلفة عالمياً لمشروع «سكاكا» للطاقة الشمسية في السعودية، حيث بلغ 1.79 سنت أميركي لكل كليو واط / الساعة، كما افتتحت مصدر وشركة ستات أويل النرويجية، في شهر أكتوبر من عام 2017 مشروع «هاي ويند سكوتلاند» بالمملكة المتحدة، لتكون أول محطة عائمة لطاقة الرياح البحرية على نطاق تجاري في العالم، حيث تصل قدرتها الإنتاجية إلى 30 ميغاواط، ما يكفي لتزويد نحو 20 ألف منزل في بريطانيا بالكهرباء النظيفة.
إنتاج
وأشار إلى أن هذا الإنجاز الذي تحقق دفع دولة الإمارات للإقرار بزيادة النسبة المستهدف تحقيقها من الطاقة عبر المصادر المتجددة من 24% من إجمالي الطاقة المنتجة، إلى 27% بحلول عام 2021، كما اعتمدت القيادة الرشيدة استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، التي تستهدف زيادة نسبة الطاقة النظيفة إلى 50%، منها 44 % عبر المصادر المتجددة ضمن توجهاتها لتحقيق مبدأ الاستدامة على مستوى القطاعات كافة، وخصوصاً قطاع الطاقة.
وذكر أن العام الماضي 2017 شهد تحقيق عدد من الإنجازات التي ساهمت في خفض تكلفة إنتاج الطاقة وزيادة فعاليتها عبر المصادر المتجددة، حيث سجلت انخفاضاً بلغ 62 % خلال السنوات التسع الماضية، كما يتوقع أن يصل مستوى انخفاض التكلفة العالمية إلى أقل من سعر استخدام الفحم خلال السنوات العشر المقبلة، ما يدعو إلى التفاؤل بمستقبل هذا النوع من الطاقة وقدرته على التوسع خلال السنوات المقبلة.
وأشار الزيودي إلى أن جهود الاستدامة وزيادة معدلات التحول في الطاقة في دولة الإمارات لا تقتصر على الجهود الحكومية فحسب، حيث يلعب القطاع الخاص دوراً مهماً كشريك استراتيجي فعال في تحقيق رؤية الإمارات، منوّهاً إلى أنه خلال العام الماضي أعلنت مجموعة ماجد الفطيم التزامها بتحقيق المحصلة الإيجابية للاستدامة بحلول 2040، كما أعلنت مجموعة النابودة للسيارات عن بنائها لأكبر محطة خاصة للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط لتشغيل عملياتها.
تمويل
وذكر أنه على الرغم من كل هذه الإنجازات والجوانب الإيجابية، إلا أن الحاجة إلى مزيد من التمويل والاستثمار لا يزال يشكل تحدياً أمام تحقيق طموحات وتوقعات التوسع في استخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، مؤكداً ضرورة بذل مزيد من الجهود لخلق مصادر تمويل لهذا النوع من المشاريع التي تصب في مصلحة العالم أجمع.
وذكر أن أبحاث وتحليلات وكالة الطاقة المتجددة «آيرينا»، تظهر الحاجة الماسة إلى ضرورة مواجهة تحدي التمويل والاستثمار وزيادة الجهود الدولية لتوسعة نطاق استخدامات الطاقة المتجددة لتزداد حصتها من إجمالي إمدادات الطاقة إلى 65 % عالمياً، لتحقيق خفض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بعمليات إنتاج الطاقة بنسبة 90% وبالتالي يساهم في الحفاظ على البيئة من تبعات تغير المناخ.
وأكد الزيودي أن دولة الإمارات تشارك بدور فعال وملموس في قضايا التمويل والاستثمار العالمي لتحول الطاقة، حيث انضم صندوق أبوظبي للاستثمار لإتلاف أكبر صناديق الثروة السيادية حول العالم خلال قمة (كوكب واحد) التي استضافها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الشهر الماضي، الذي سيعمل على الاستثمار في هذا القطاع.
وأضاف: «من خلال شراكة الامارات مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا)، قدم صندوق أبو ظبي للتنمية قروضاً ميسرة لمجموعة من مشاريع الطاقة المتجددة في البلدان النامية منذ عام 2014، حيث تم تخصيص 189 مليون دولار أميركي لتطوير وإنشاء 19 مشروعاً للطاقة المتجددة».
وطالب بضرورة تعزيز الشراكات القائمة، وإيجاد شراكات جديدة بين الأوساط الحكومية والخاصة والأكاديمية للمحافظة على الزخم الذي تحظى به الطاقة المتجددة، وتسهيل جهود التمويل، وتسريع وتيرة انتشارها، وتعزيز مساهمتها في بلوغ أهداف التنمية المستدامة والحد من آثار التغير المناخي. ونوه إلى أن النمو المستمر والمرتفع في قطاع الطاقة المتجددة يؤكد أهمية عمل الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، التي أصبحت صوتاً عالمياً مسموعاً للطاقة المتجددة في المحافل الدولية، بفضل أنشطتها ومنتجاتها المعرفية ذات القيمة العالية. وشدد معاليه على الدور الرئيسي الذي تلعبه الطاقة المتجددة في سوق الطاقة العالمي، لافتاً إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها وكالة آيرينا في تمكين قرارات الحكومات والجهات الفاعلة.
وركز على الفوائد الاقتصادية المرتبطة بتوسعة نطاق استخدام مصادر الطاقة المتجددة من مساهمات وطنية، مشيراً إلى أن هذا التحول المستدام سيوجد ما يزيد على 24 مليون فرصة عمل حول العالم، الأمر الذي يدفعنا إلى التأكيد على الحاجة إلى تسريع جهودنا من خلال الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) للمساعدة في بناء معرفتنا وقدرتنا وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتسهيل عمليات التمويل وتحقيق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
عدد الدول
وقال عدنان أمين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة آيرينا: إن آيرينا أصبحت صوت الطاقة المتجددة في العالم، واليوم وصل عدد أعضائها 154 دولة، إضافة إلى أكثر من 26 دولة في مراحل مختلفة من عملية المصادقة.
ونوه إلى أنه يوجد في العالم حالياً 15 ألف مشروع للطاقة المتجددة، تقدم نحو ألف جيجاواط في 147 دولة، مشيراً إلى أن تزايد الحكومات والشركات الخاصة على هذا القطاع يرجع إلى انخفاض تكلفته بشكل كبير، حيث سجلت أجهزة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح انخفاضاً في الأسعار بنسبة 73%، كما انخفض سعر الكيلو واط إلى 3 سنتات دولار أميركي، كما في الإمارات والسعودية والمكسيك وشيلي.
وألمح إلى أن الطاقة المتجددة ينتظرها مستقبل أفضل، موضحاً أن تكلفة المركبات الكهربائية ستنخفض بنسبة 60 % على الأقل بحلول عام 2030.
وأشار إلى تزايد الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة في العالم، مشيراً إلى تزايدها كثيراً عام 2017 و2016 منوهاً إلى أن 90% من استثمارات العامين الماضي وقبل الماضي، جاءت من مؤسسات القطاع الخاص المسؤول عن 40 % من هذه المشاريع وهذه الزيادة ترجع بشكل رئيسي إلى تراجع تكلفة الطاقة المتجددة خاصة الشمسية.
وأفاد بأن إنتاج العالم من الطاقة المتجددة زاد عام 2016 بنحو 162 جيجاواط بنسبة زيادة 8.8% عن عام 2015، علما بأن 60% من هذه الزيادة جاءت من جنوب العالم، وبلغت مساهمة آسيا 58% وأفريقيا 12.1%. وذكر عدنان أمين أن الطاقة المتجددة وفرت فرص عمل لنحو 9.8 ملايين نسمة على مستوى العالم العام الماضي منهم 3.1 ملايين نسمة فقط في قطاع الطاقة الشمسية بنسبة زيادة 12% عن عام 2016.
3 مبادرات بـ 1.7 مليار درهم ينفذها «أبوظبي للتنمية»
كشف محمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، أن الصندوق ينفذ 3 مبادرات بقيمة 1.7 مليار درهم (450 مليون دولار) لدعم مشاريع الطاقة المتجددة، منها مبادرة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) ومبادرتان مع دول وجزر الباسفيك والبحر الكاريبي.
جاء ذلك في تصريحات للصحفيين على هامش الاجتماع الثامن للجمعية العمومية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، مؤكداً أن المبادرات الثلاث يتم تنفيذها بنجاح كبير يؤكد الدور الريادي لدولة الإمارات وإمارة أبوظبي في قطاع الطاقة المتجددة في العالم.
تمويل
وأوضح أن مبادرة الصندوق بالتعاون مع وكالة (آيرينا) تمتد على مدار سبع سنوات، بسبع دورات تمويلية بقيمة إجمالية 350 مليون درهم، تم إنفاق 214 مليون دولار منها على 21 مشروعاً في 20 دولة، بينما تشمل المبادرتان الأخريان، مبادرة دعم مشاريع الطاقة المتجددة في الباسيفيك بقيمة 50 مليون درهم، ومبادرة دول وجزر البحر الكاريبي بقيمة 50 مليون دولار، والمبادرتان الأخيرتان منحة من الصندوق.
وكان السويدي قد أعلن خلال الجلسة العامة للجمعية العمومية لـ«آيرينا» أمس، نتائج الدورة التمويلية الخامسة لمبادرة تمويل مشاريع الطاقة المتجددة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، معلناً موافقة الصندوق على تخصيص 92 مليون درهم (25 مليون دولار) لتمويل مشروعين لتوليد الطاقة الشمسية الكهروضوئية في كل من موريشيوس ورواندا.
وأكد السويدي في كلمته أمام الجمعية أن دولة الإمارات أولت بتوجيهات من القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، قطاع الطاقة المتجددة اهتماماً خاصة، ومنذ أن تم اختيار أبوظبي، مقراً للوكالة في عام 2009، أخذت حكومة دولة الإمارات على عاتقها، إنجاح مساعي الوكالة الدولية في تحقيق أهدافها المتعلقة بتوفير الطاقة المتجددة في الدول النامية، وتعزيز انتشارها حول العالم. وأشار إلى أن الصندوق نجح بالتعاون الوثيق مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» على تمويل 21 مشروعاً في قطاع الطاقة المتجددة خلال السنوات الماضية، استفادت منها 20 دولة وبقيمة إجمالية بلغت 214 مليون دولار.