انطلقت، مساء أول من أمس، فعاليات معرض «الشرق والغرب يتلاقيان»، في مسرح دبي الاجتماعي ومركز الفنون، بحضور معالي عبد الرحمن محمد العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ومحمد المرّ نائب رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون، والأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود رئيس هيئة السياحة والآثار بالسعودية - أول رائد فضاء عربي، إلى جانب عدد من كبار الشخصيات والمسؤولين والمعنيين بالشأن الفني. كما قدم الإعلامي والصحافي تركي الدخيل، نبذة عن المعرض والمتحف، قبل الاطلاع على الأعمال المعروضة.
يعتبر المعرض الذي يستمر حتى 18 يوليو المقبل، بمثابة نافذة جديدة على تاريخ الحضارة الإسلامية، التي كان لها أكبر الأثر على فنون الغرب، ابتداءً من القرن التاسع عشر. وهو أحدث وأول معرض يقيمه متحف داهش للفن في بلد عربي، بالاشتراك مع صالات العرض الفنية الخاصة بجامعة (سيراكيوز) في نيويورك، وبإشراف أميرة زاهد أمينة المتحف الذي مقره في نيويورك أيضاً وبالتعاون مع محمد المرّ، نائب رئيس هيئة دبي للثقافة والفنون.
أما قيمته الفنية والتاريخية والأكاديمية، فتأتي من مجموعة المخطوطات والرسومات النادرة والدراسات التي تعنى بالعمارة والتصميم والزخارف الإسلامية في القرن التاسع عشر، والتي وثقها مجموعة من الأكاديميين والمهندسين المعماريين والفنانين الذين تجاوز عددهم 150 مختصاً، والذين دخلوا الشرق مع حملة نابليون على مصر (1798 1801)، ليكون نتاجها موسوعة وافية تعتبر مرجعاً أكاديمياً للمهندسين والفنانين على مر العصور.
إبداعات حضارتنا
يقدم المعرض تصوراً إجمالياً لفنون وزخارف حضارتنا، ابتداء من الأبنية الحجرية لقصور ومساجد من منظور خارجي وداخلي، إلى المئذنة، ومنها إلى تفاصيل الرسوم الزخرفية بمختلف أنواعها كالرسوم النباتية والأشكال الهندسية، والزخارف الخاصة بالأرض والجدران والأسقف، وانتهاء بنقوش الأواني وقبضات ومفصلات الأبواب المعدنية التي يمكن لمسها باليد.
وما يثير دهشة الزائر، الدقة الشديدة في رسم تفاصيل العمارة والأقواس والمقرصنات والزخارف بأسلوب فن الحفر والطباعة، خاصة قبل اكتشاف التصوير الفوتوغرافي، حيث حفظ هؤلاء الفنانون الذين اختار العديد منهم الإقامة في البلدان العربية، بأعمالهم تلك تاريخ العمارة وفنونها قبل تداعي وفقدان الكثير من تفاصيلها مع مرور الزمن.
يتعرف الزائر من خلال المعرض على سيرة عدد من الأكاديميين الغربيين الذين نذروا حياتهم لإعادة اكتشاف ودراسة فنون الحضارة الإسلامية، ومن ضمنهم المهندس المعماري والمصمم البريطاني أوين جونز (1809 1874) الذي أمضى ستة أشهر في غرناطة لدراسة فنون عمارة وفن قصر الحمراء، برفقة صديقه الفرنسي المهندس المعماري جول جوري الذي وافته المنية هناك بعد إصابته بمرض الكوليرا. وينضم إليه المستشرق الفرنسي المهندس والفنان إمير بريس دافين (1807 1879 -) الذي اختار العيش في مصر حيث أتقن لغتها ودخل في نسيج حضارتها وأسمى نفسه (إدريس أفندي). وأصدر دافين كتابه (الفن العربيّ وفقا لآثار القاهرة.. من القرن السابع إلى نهاية القرن الثامن عشر)، وفيه دراسة وافية عن الهندسة المعمارية والزخرفة والفنون التطبيقية.