زارت الشيخة مي الخليفة وزيرة الثقافة البحرينية، أول من أمس، متحف المرأة في دبي بمنطقة سوق الذهب بديرة، الذي يعد مركزاً توثيقياً معنياً بتاريخ المرأة الإماراتية، ويوثق تجربتها على مر العصور، كما يعتبر مبادرة ثقافية للاحتفاء بإنجازاتها ولإبراز أعمالها.
واستمعت الشيخة مي الخليفة إلى شرح من الدكتورة رفيعة غباش مؤسسة المتحف عن محتوياته بدءا بجدارية ذاكرة المكان فى المدخل الرئيسي والتي تضم مجموعة من الصور لشخصيات إماراتية مازالت في ذاكرة أبنائها، مرورا بجدارية عن التطور السياسي في الإمارات من سنة 1820 -1971.
وتتضمن استعراضا لأدوار الشيخة حصة بنت المر والشيخة سلامة بنت بطي وغيرهما من النساء اللاتي ساهمن بدورهن في مجتمع الإمارات، ويوثق لرائدات العمل النسائي وفي مقدمتهن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الذي يمثل دعم سموها العامل الاساسي فى تمكين المرأة في الإمارات.
في أروقة المتحف
لا ندري إن تسربت إلى روح سعادة بنت فيروز، إحدى نساء الإمارات، أصوات الشيخة مي آل خليفة والدكتورة رفيعة غباش وهما تتحدثان عن مقتنياتها التي تركتها بعد وفاتها، ولا ندرك كم هي فرحة أحمد الهاشمي وميثاء بنت عتيق وعبدالوهاب كبتن والمتحف يحتفي بأرشيفهم الخاص الذي تعطر برائحة بهارات (الموميان) و(الخيله) و(المقل)، أما الثوب الإماراتي المصنوع من الشيفون الفرنسي.
فكأنه مشكاة في مصباح يراها الزائر في لوحة "الرقص في النور" للفنانة فاطمة لوتاه، لا سيما أن البرقع يحضر بتفاصيله الفنية تحية لتلك الوجوه التي أبت العيش على هامش الحياة، متسائلةً عما بقي فينا منها، وهناك بجانب قاعة الشاعرة الإماراتية فتاة العرب تأملت الشيخة مي آل خليفة شغف المكان، وأكدت أن رفيعة غباش سكنتها هذه البقعة في قلب دبي، التي تعبق منها رائحة التراث وتجسد هوية إنسان هذه الأرض.
ذاكرة المكان
غادرت رفيعة المكان منذ 40 سنة مضت، ولكنها تتحدث عنه مع الشيخة مي آل خليفة، بسكون الشخص المسحور بمنطقة الشندغة، حيث يقع المتحف في سوق الذهب، قائلةً: "هنا ترتشف طفولتي مذاقها المغمور بالمطوعة فاطمة المزينة وصديقات الطفولة، هنا أهلي وجيراني، كنت دائماً مؤمنة أنني سأرجع لهذا المكان، بمشروع يحتفي بالذاكرة، صحيح قضيت 6 سنوات من التفكير والبحث والتصميم الفني.
واليوم أراه متحفاً ودار نشر ومؤسسة بحثية"، بينما علقت الشيخة مي بالقول إن ميزة المتحف في موقعه، وهي قيمة سعت بنفسها لتجذريها في مشاريع البحرين الثقافية، مؤكدة أن النجاح الأول مرتبط بهذا التمازج بين التراثين المادي والشفاهي، اللذين يعملان معاً لمواجهة الذاكرة التي تخوننا في كثير من الأحيان.
السياحة الثقافية
عندما وصفت رفيعة صورة نادرة لرقصة جبلية جمعت بين كل الأجيال بمختلف أنواع الأثواب وأنواع البراقع، يتبادر إلى ذهن الزائر القيمة البحثية للمتحف، هنا أضافت الشيخة مي أهمية مضمون المتحف في احتفائه بكل أهل الإمارات، وخاصةً أننا نعلم أن الذاكرة لا تقتصر على أشخاص أو أماكن.
واصفةً أهمية المتاحف في زمن مليء بالمتغيرات، موضحةً أن اشتغالها في مركز ثقافي كان سببا رئيسيا في انتقالها للوزارة، مبينةً أن صيانة التراث واستثماره في الفعل الثقافي يعزز أوجه السياحة الثقافية.
وبينما يتجه مسار الجولة إلى منطقة غاليري بيت البنات، في الزاوية هناك أسطوانات اسماعيل فون من إنتاج البحرين، ليأتي التساؤل وقتها: أين وجدت الشيخة مي آل خليفة البحرين في المتحف، وأجابت: "البحرين يعيش في كل بقعة من بقع دول الخليج، نحن في الحقيقة نمتلك ذاكرة واحدة".
عصرية المتاحف
نجاح متحف المرأة ارتبط بإنجازه محور "المتاحف العصرية وأشكال عرض التراث"، على الرغم من عدم وجود خبير متاحف، والذي كلف مؤسس المتحف نحو 15 مليون درهم، وتركز التصميم الداخلي على مستوى الصورة وجودة عرض المعلومات في عدة محاور سياسية واجتماعية عبر ممارسات النساء اليومية، ويبرز تفاعلية التصميم في قاعة الشاعرة الإماراتية عوشة بنت خليفة المستوحاة جدرانه من انسيابية الكثبان الرملية، كتبت عليه القصائد باللون البني المحروق.
تحتل عوشة مكانة خاصة لدى رفيعة، وقرأت للشيخة مي خلال اللقاء بعض الأبيات منها: "ما خطر في البال لي شيء جديد .. غير ذكرى ليت ماضيها يعود .. وين ذاك الوقت عنا لي نحيد .. شرغته والفكر ما شابه جمود". وحول صور المتحف أوضحت رفيعة أنه جزء من عملها صحفية بمجلة الأزمنة العربية في الثمانينات، تم توزيعها بين زوايا معرض المقتنيات، بحسب موضوعية المعلومات التاريخية المطروحة.
البرقع
أوضحت الدكتورة رفيعة غباش مؤسس متحف المرأة، أن توثيقها للبرقع الإماراتي بتفاصيله الفنية وأنواعه وكيفية صنعه للحفاظ عليه، إنما هو رد على العديد من الفنانات الجدد اللاتي استخدمن البراقع في فنهن بطريقة غير لائقة، وذلك إما بوضعها مع فنانات عالميات مشهورات أو في مواقع غير مناسبة لهذه القيمة التاريخية والتراثية لجداتنا ونسائنا في الإمارات.