من المؤكد أن لمسرح الطفل أهدافاً وأغراضاً تربوية وسلوكية ونفسية وتعليمية، ولكن يبدو أن التفكير في هذا النوع من المسرح بات مرتبطاً بأهداف تجارية ونصوص لا تزيد الأطفال إلا تعلقاً بالثقافة الغربية والتبعية لها.

ذلك لا سيما وأنه في ظل غياب المسرح المدرسي وعدم تشجيع كُتاب مسرح الطفل وإهمال المواهب الوطنية على حساب دعم الفِرق الأجنبية، إلى جانب التطورات التكنولوجية والتقنية المتلاحقة، أصبحت غالبية الأطفال في الوطن العربي تعيش عزلة عززت لدى هؤلاء جميعاً، العنف والعدوانية والانطواء والأنانية، فضلاً عن أن التعامل مع خيالهم أصبح من الصعب أن ينسجم ويتواءم مع نوعية الأعمال التي كانت تقدم للأطفال في السابق، حيث إن متطلبات جيل الإنترنت لا تشبه متطلبات الأجيال التي سبقته، نظراً لوعي أفراده واطلاعهم الواسع ومواكبتهم لكل التطورات في مختلف المجالات.

وفي السياق، يظن مسرحيون ومتخصصون إماراتيون، أن المواهب الوطنية المسرحية مهملة بحكم الغايات التجارية التي تحكم هذا الحقل الإبداعي، حالياً، ويشيرون إلى أن الفِرق الأجنبية باتت هي الرائجة.. والثقافة الغربية أصبحت تتسيد فضاءات الخشبة في عوالم الطفل.

الهنوف محمد، عضو مجلس إدارة - المسؤول الثقافي لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات ومسرح دبي الشعبي، تقول في الخصوص: حركة المسرح المدرسي في الدولة تحتاج تطويراً وتجديداً، حيث إنها مخصصة للطلبة في الحلقة الأولى فقط، ويجري إهمال الطلبة في الحلقات الأخرى، ذلك بلا أي مبرر أو خطة واضحة.

وتتابع الهنوف: الاستهانة بالنصوص المقدمة للأطفال مشكلة يجب التوقف عندها، حيث توكل معظم الإدارات المدرسية مهمة تحضير المسرحيات إلى معلمات اللغة العربية ومعلمات التربية الموسيقية ومعلمات التربية الرياضية، وجميعهن يشتركن في تقديم لوحات فنية استعراضية تخلو من المحتوى الجيد، ذلك لأنهن لا يمتلكن المعرفة الكافية للكتابة للطفل، وبالتالي أصبحت المشاركة في المسرح المدرسي أمراً يبعث على الملل والضجر لدى الطفل.. يدفعه للتمسك بـ «الآي باد» والهاتف الذكي.

وحول الحلول، توضح الهنوف محمد، أنه على اللجان الثقافية في الدولة إعداد استراتيجية واضحة للنهوض بالمسرح المدرسي ومسرح الطفل عموماً. وتضيف: مهمة مسرح الطفل أعمق بكثير من عروض المهرجين والشخصيات الكرتونية، ومن المؤسف أن يكون التعامل مع عقل الطفل بهذا القدر من التهاون.

هجمة شرسة

ويشرح د. أبو بكر حسين، المستشار الإعلامي لجائزة سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم لإبداعات الطفولة والشباب، وجهة نظره في هذا الشأن: هناك جهود كبيرة للنهوض بثقافة الطفل على وجه الخصوص، وثقافة مسرح الطفل عموماً، ولكن في ظل الهجمة الشرسة للإعلام الغربي، أصبح الطفل عالقاً في مصيدة خطيرة، وكي يخرج منها لا بد من يقظة متكاملة لمسرح الطفل، بحيث تشارك فيها مجموعة كبيرة ممن يجمعون بين الخبرة والتخصص في آن واحد، وخاصة المؤسسات الإعلامية والهيئات المسرحية والكتاب والمثقفين والمؤسسات التربوية والمدرسية، ذلك حتى يخرج الخطاب المسرحي الموجه للطفل معافى.. مع مراعاة التشويق والتقنيات الحديثة قدر الإمكان، بما يتواءم مع قيمنا الثابتة.

ويواصل حسين: يجب أن يتضمن الخطاب المسرحي الموجه للطفل مسائل مهمة عدة، وأبرزها التركيز على الموروث الثقافي والتاريخي والحضاري والاجتماعي العام.

خلل

يؤكد الفنان مرعي الحليان، أن المسرح الإماراتي والفرق المسرحية الإماراتية، من الرواد في مجال الأعمال المسرحية الموجهة إلى جمهور الأطفال، وذلك منذ تأسيس مهرجان الإمارات لمسرح الطفل الذي تدعمه حكومة الشارقة ووزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والذي تأسس قبل عشر سنوات.

ويتابع الحليان: أسهم هذا المهرجان في بلورة صيغة أعمال درامية مسرحية موجهة إلى جمهور الطفل، وتتسم بأنها ذات مستوى عال من التقانة والخطاب الفكري التربوي والفني الذي يتعامل مع طفل اليوم، إذ ينتج هذا المهرجان سنوياً ما يعادل ثمانية إلى عشرة عروض. والأمر الآخر هو أننا، ومقارنة بدول مجلس التعاون، نجد أن مهرجان الإمارات لمسرح الطفل هو الوحيد المتخصص في هذا الحقل الإبداعي، إذ لا توجد مهرجانات مماثلة في كل من الكويت والسعودية وعمان وقطر والبحرين.

فرق أجنبية

وحول ما يمكن أن يثري تجربة مهرجان الإمارات لمسرح الطفل وعروضه، يقول مرعي الحليان: إنه يجب تدخل الجهات الأخرى في دعمها، عبر شراء تذاكرها وتبني عروضها، وأخص بالذكر مهرجاني «صيف دبي» و«دبي للتسوق».

اهتمام عالمي

نظراً للتطور الحضاري الذي مرت به الأمم، وشموله معظم الفنون بأشكالها المختلفة، أخذ مسرح الأطفال بالظهور بشكل أوسع، وبصورة واضحة تعتمد على عنصري تمثيل الصغار والكبار إلى جانب الدمى وخيال الظل، كما حظي باهتمام عالمي مبكر نظراً لغاياته التي تتجاوز الترفيه.. وتشمل التعليم والتثقيف.

الصين

سبق الصينيون الجميع في مجال مسرح الأطفال، إذ اشتهروا بمسرح خيال الظل، وكذلك بمسرح العرائس الذي نشأ في جاوا حيث كان الأب في الأسرة يحرك العرائس في البداية، والجمهور المشاهد هم من أفراد أسرته نفسها. وذلك إلى أن تطورت تلك الممارسة إلى فن يشرف عليه فنانون محترفون.

فرنسا

كان أول ظهور لمسرح الأطفال في فرنسا عام 1984، حيث قدمت تمثيلية للأطفال في حديقة الدوق شارتر بالقرب من باريس، وكان الحضور فيها من الكبار يفوق عدد الأطفال.

وبعد هذه التمثيلية عرضت مسرحية «المسافر» وقد قام بتمثيل الأدوار فيها أبناء الدوق شارتر، ثم عرضت مسرحية «عاقبة الفضول» التي ركزت على تقديم المواعظ الأخلاقية، ولكن هذا لا يعني أن هذه المسرحيات الثلاث التي كانت قد شكلت أول ظهور لمسرح الأطفال في فرنسا، أنها تمثل مسرحيات الأطفال بكل معنى الكلمة، فهي كانت تتصف بأنها طويلة وحوارها صعب، وأسلوب الوعظ الأخلاقي فيها كان مباشراً، لكن الأطفال أعجبهم جانب التمثيل والحركات التي صاحبت التمثيل.

الهند واليابان

إيطاليا وألمانيا

كان مسرح الدمى في إيطاليا، من أهم مصادر التسلية للأطفال، وكانت تقدم عروض هذا المسرح في الهواء الطلق وتسمى «الأراجواز»، كما ظهرت عندهم شخصية «بانش» الذي ظل شخصية عجيبة في مسرحيات الأطفال التي قدمت في تلك الفترة، واستمرت قروناً عدة.

كذلك عرفت ألمانيا الدراما في القرون الوسطى، على شكل مسرحيات الخوارق، وكذا الدراما الشعبية التي كانت جزءاً من اهتمام الشعب الألماني على مستوى الكبار والأطفال.

روسيا وأميركا

بدا الاهتمام بمسرح الطفل ودراما الأطفال واضحاً في روسيا، من خلال مهرجان الرقص الدرامي ومسرح العرائس، ففي عام 1918 أنشئ مسرح للأطفال وتحول فيما بعد إلى معهد تمثيل يدرّس فن التمثيل، ثم تكونت في هذا المسرح فرقة الممثلين المحترفين بالإضافة إلى الفنيين العاملين في مسرح الأطفال.

وبالمقابل، كان أول من اهتم بدراما الطفل في أميركا المؤسسات الاجتماعية، حيث أسس أول مسرح للأطفال فيها عام 1903، وسمي بالمسرح التعليمي للأطفال، وعرضت فيه مسرحيات عدة، ومن بينها: «الأمير والفقير»، «الأميرة الصغيرة». وكان الإنتاج في هذا المسرح يساير الخطة التعليمية في أميركا.

وفي عام 1947 ظهر مسرح الأطفال العالمي الذي عني بتقديم مسرحيات للأطفال في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، ثم ظهر الاهتمام بالمسارح عندما أصبحت مادة مسرحية الأطفال والدراما الخلاقة تدخل إلى المناهج الدراسية في العديد من الجامعات والكليات الأميركية.

قياس

10 أعوام من الحراك المتخصص والخطاب الواعي

يشدد خبراء المسرح وجميع الهيئات والجهات في هذا القطاع، على أن مهرجان الإمارات لمسرح الطفل الذي يقام سنوياً في قصر الثقافة بالشارقة في الثامن عشر من ديسمبر، يعد المهرجان الوحيد المحكم، إذ تشكل له سنوياً لجنة اختيار لانتقاء العروض.. ولجنة تحكيم يشكل أعضاؤها من مسرحيين خليجيين ومحليين وعرب.

كما تنظم ندوات تطبيقية للعروض، وهو ما ما أفرز، حسب العاملين في المسرح، خطاباً نقدياً واعياً. وفي هذا السياق يتحدث مرعي الحليان: أسس المهرجان قاعدة لثقافة مسرح الطفل بين المسرحيين أنفسهم، وبرز كتاب وكاتبات في هذا المجال مثلما برزت أسماء مخرجين وممثلين متخصصين في الأداء للأطفال، وإذا قلنا إن المهرجان أصبح عمره عشر سنوات.

فهذا يعني أن هناك خبرة تراكمت عبرها أدت إلى جودة عالية في صناعة مسرح الطفل، ونتيجة نجاح هذه العروض في جذب الجمهور، حاولت جمعية المسرحيين - الجهة المنظمة للمهرجان - أن تقيس مدى تمسك الجمهور بعروض الطفل، إذ اشترطت قبل عامين الدخول ببطاقات مدفوعة الثمن، وكانت الخشية أن يحجم الجمهور عن العروض، إلا أن النتيجة جاءت معاكسة، حيث تدافع الجمهور على البوابات.

طاقات

مستقبل ناجح وطاقات عالمية المستوى

يرى مسرحيون إماراتيون، أن مستقبل مسرح الطفل في الدولة، ناجح ومبشر بالخير على صعيد العروض التي تقدم للجماهير، بدليل أن الحضور في عروض الأطفال يفوق الحضور في مسرح الكبار. ويبين نقاد في هذا الاتجاه، أن لدى الفرق المسرحية المحلية طاقات لا تقل شأناً عن الفرق الأجنبية، لكنها بحاجة إلى فتح نوافذ لعروضها، ليس تمويلاً بل عبر دعم ورعاية هذه العروض، باعتبارها منتجاً فنياً وثقافياً إماراتياً صرفاً.

تاريخ مسرح الطــفل عربياً

1815 قدمت مسرحيتان من قبل فرق شعبية مصرية متنوعة.

1927 تشكيل أول فرقة مسرحية في العراق.

1959 تأسيس فرقة المسرح القومي في سوريا، بالتوازي مع التركيز على الاهتمام بالمسرح المدرسي.

1964 أول ظهور لمسرح الأطفال بشكل واضح ومعروف في مصر.

1968 أنشئت فرقة محترف بيروت للمسرح.

1970 تأسست فرقـــة مدرسـة بيروت للمسرح المعاصر.

1974 أقيم المهرجان الأول للمسرح الطلابي في العراق.

1976 عرضت مسرحية عــــلاء الدين والمصباح السحري.

07

الانضباط والنظام.

الجرأة الأدبية.

السرعة في التعبير والتفكير.

العمل الجماعي.

التدرب على فنون المسرح.

جودة النطق وحسن الأداء.

تطوير الحواس الخمس.

فوائد ذاتية وعامة

08

سمات الكاتب الناجح

يدرك وجهات نظر الأطفال.

يحترم عقل الطفل.

الإلمام بحرفية التأليف المسرحي.

يعرف مستوى مراحل الطفولة.

دراية بسيكولوجية الطفل.

القدرة على التعبير.

مواكب لتطورات دراما وأدب الطفل.