ناشرون مصريون يرفضون اتهامهم بالمغالاة في أسعار الكتب وانتشار السطحي منها

المنتج الأدبي الوفير يتقوّض تأثيره بفعل تدنّي مستوى القراءة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

شهدت السنوات الأخيرة، لاسيما من بعد ثورة يناير 2011، طفرة وانتعاشاً كبيرين في حركة الأدب المصري، إذ برزت العديد من المؤلفات لأسماء شابة جنبًا إلى جنب مع الأسماء التقليدية التي احتلت رفوف المكتبات لعقود عديدة.

إلا أن الفورة القرائية التي واكبت الثورة ما لبثت أن سكنتْ وتراجعت بشكل كبير، ما انعكس بشكل واضح على حركة المبيعات ومعدلاتها؛ لأسباب كثيرة ربما منها تدني القدرة الشرائية لدى الناس أو لتغير المزاج العام.

«البيان» ترصد أسباب وتفاصيل المسألة، من خلال نقاشها مع مجموعة متخحصصين.

موضة القراءة

يؤكد مدير إدارة تزويد المكتبات في دار الشروق، مصطفى الفرماوي، أنه توجد بالفعل أزمة حقيقية في ساحة النشر والتوزيع، موضحًا أن عوامل الأزمة متنوعة؛ بداية من دار النشر نفسها والكاتب الذي يحاول بيع أكبر عدد من النسخ رغم ارتفاع أسعارها، وصولًا إلى القارئ الذي يعاني من زيادة أسعار الكتب نتيجة زيادة أسعار تكلفة الطباعة.

ويقابل ذلك تراجع في مستوى معيشة المواطن، حتى تحولت القراءة إلى نوع من الرفاهية لا يقوى عليها غالبية المواطنين. ويتابع الفرماوي: «هناك نسب متفاوتة في التوزيع والقراءة، ولا يمكن الجزم بأن هناك قلة في الشراء مقابل الإنتاج، حيث إن هناك كتبًا تلقى انتشارًا وحضورًا واسعًا في الساحة الثقافية، كما إن هناك مجموعة من القراء الجدد الوافدين على واحة القراءة وجدوا ضالتهم في بعض الكتب الحديثة.

وهناك موضة مستحدثة وهي «موضة القراءة» التي تعتمد على امتلاك الكتاب والتباهي به». ويقيّم الظاهرة: رغم أن البعض يعتبر الظاهرة سيئة؛ إلا أنني أراها محمودة، فامتلاك الكتاب يبشر بالقراءة، كما إنه يثقف القارئ الحديث نسبيًا ويجعله قادرًا على حل شفرات الأدب والثقافة. وأظن أن هذا الجيل الجديد سيتحسن ذوقه مع الأيام.

حيث سيصل إلى حالة الإشباع من الكتب التي تأتي على قائمة الـ«بيست سيليرز» وغيرها، وسيتعمق فيما هو أعمق وأقيم، مثل كتابات نجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي وتوفيق الحكيم وعباس محمود العقاد وغيرهم.

ويقول الفرماوي عن دور النشر: هناك تلاعب لدى بعض دور النشر، حيث تستغل عدم وجود قارئ وتدعي طباعتها لطبعات كثيرة للكتب، تصل إلى 30 طبعة، وفي الأغلب تلك الادعاءات لا تمت إلى الحقيقة بصلة.

حيث تكون الطبعة مكونة من 500 أو 1000 نسخة على الأكثر. كذلك يعتبر أن التوجه إلى «الطبع الآمن»- بحسب ما أسماه- يزيد من خدعة القارئ، مضيفًا: لا ننكر أن هناك رداءة في مستوى بعض ما تقدمه دور النشر الصغيرة والمتوسطة، لا سيما مع شيوع ظاهرة «ادفع تنشر»، التي تعتمد على إشراك الكاتب في تكاليف النشر.

ولكن، كما هو واضح، فإن الأمر لا يعتمد على المشاركة؛ وإنما دفع التكلفة كاملة لمجرد نشر ا لكتاب وتحقيق موضة الكتاب الجديدة، وأنا أحمِّل الناشرين مسؤولية فوضى النشر الحاصلة في السوق المصرية، فالناشر هو البوصلة التي توجه القارئ نحو الأدب الجيد، كما إنه من يجب أن يحمي القارئ من خدعة الانتشار ويكفل له الأعمال الجيدة.

ميثاق شرف

من جهته، يبين رئيس دار الياسمين للنشر والتوزيع ماجد إبراهيم، أن 90% من دور النشر تعتمد على دفع الكاتب لتكاليف نشر الكتاب، وهو ما يؤدي إلى رداءة مستوى ما يقدم من أعمال أدبية، حيث يحضر إلى الساحة أنصاف المواهب أو معدوميها، وكل هذا دون وجود رقيب. ويلوم إبراهيم اتحاد الناشرين المصريين: لا يوجد أي ميثاق شرف أو لائحة لدى الاتحاد تلزم دور النشر بالنظر إلى الأعمال التي يقدمونها للقارئ.

بينما القارئ ليس مجبرًا على تحمل أخطائهم أو قراءة ما يقدمونه من غث لا يغني ولا يسمن من جوع. ويشير أيضا إلى أن عدد دور النشر المقيدة ضمن اتحاد الناشرين المصريين، يصل إلى 750 دارا، في حين أن عدد دور النشر الموجودة التي تزاول العمل يصل إلى 1500؛ أي إن عددًا كبيرًا من دور النشر غير منضم إلى الاتحاد، وذلك لأن الاتحاد يفتقر إلى وضع ضبطية عمل.

دور مجتمعي

ويصف رئيس اتحاد الناشرين المصريين عادل المصري طبيعة المسألة وإشكالياتها..وواجبات الاتحاد: إن اتحاد الناشرين غير منوط به الرقابة على الكتب أو تقنين نشر الكتب أو توجيه دور النشر في أي سياق كان، حيث إن الرقابة على الكتب أمر غير جائز ويحجب الحريات.

ومن بين الحلول التي يقترحها: الحل لا يكمن في الرقابة أو ميثاق يقدمه اتحاد الناشرين، بل من خلال سعي الكتاب والمؤسسات الثقافية إلى رفع الذوق العام للجمهور؛ فالذائقة العامة هي المسؤولة عن استمرار الرديء، لأنه لا يزال يقدم حيث إن العمل الجيد يفرض نفسه في حضور ذائقة جيدة، ولا يمكن تحميل اتحاد الناشرين خطأ الثقافة المجتمعية التي تزداد سوءًا.

أضف إلى ذلك، وهو المهم، تحسين الظروف المعيشية للمواطنين ليكون بمقدورهم تلبية احتياجاتهم من غذاء الأرواح. وفي السياق ذاته، يشرح الكاتب جار النبي الحلو، أن غالبية دور النشر تعتمد على خدعة دعائية وهي»البيست سيليرز»، التي توحي بأن الكتاب قد باع عددًا كبيرًا من النسخ، وهو أمر غير صحيح على الدوام..فقيمة الكاتب الجيدة يمكن أن تضيع وسط هذه الدعاية الزائفة.

ويلفت أيضًا إلى أن هناك العديد من المواهب التي تظلم نتيجة لهذه الحركة التجارية، موضحًا أن هناك كتابًا يواجهون صعوبات في طرح أنفسهم على الساحة فرغم أن موهبتهم كبيرة؛ إلا أنهم ما زالوا خارج دائرة الضوء أو الاهتمام، وهو ما يسبب انطواءهم وعدم معرفة الجمهور بهم.

صدارة الرواية

هناك بعض الأسماء التي تحتل قائمة البيست سيليرز، في مقدمتها: الكاتب الشاب أحمد مراد الذي أثار جدلًا كبيرًا منذ ظهوره..والروائيان مكاوي سعيد ومحمد المنسي قنديل. وتزيد مبيعات هؤلاء الكتاب نظرًا لاحتلالهم قائمة الأكثر مبيعًا في أغلب الأحيان.

Email