بخطوات ناعمة وبطيئة، تنزل من على سُلم المنزل وهي ترتدي فستانا جميلاً مزيناً بالورود وشعرها الأسود الحريري مسدل على كتفيها.. تتابع الفتاة الصغيرة خطواتها وهي تنظر إلينا نظرة الغرباء والهدوء يغلف خطواتها ويرتسم على وجهها. انتابني شعور غريب وأنا أنظر إليها فخلف الضجة الكبيرة التي أحدثتها فيديوهاتها العفوية على موقع "الإنستغرام" طفلة صغيرة لا يزيد عمرها على ثلاثة أعوام ونصف العام.

 بعد قليل، اقتربت منا غلا وأخذت والدتها تداعبها وتحدثها حتى تكسر حاجز الخجل وتشعر بالألفة نحونا وما إن اعتادت علينا، حتى أضحكتنا جميعاً بخفة دمها وحركاتها الرقيقة والجذابة.

أهل

تنحدر غلا من أسرة متعلمة وتربوية ، فوالدتها إلهام محمد عبد العزيز موجهة لغة إنجليزية سابقة ووالدها عبدالعزيز الجسمي عمل في قطاع التعليم لسنوات قبل أن يتفرغ لعمله الخاص. نشأت غلا في أسرة متحابة مكونة من سبعة أفراد وهي "آخر العنقود" وملاك المنزل الذي تملؤه بالحياة والفرح أينما تحركت.

فارق العمر بين غلا وإخوتها كبير، فأختها التي تسبقها عمراً في الجامعة، مما جعلها تخالط الكبار وهي تخطو نحو طفولتها، تجلس معهم، تستمع لأحاديثهم، الأمر الذي نمّى من شخصيتها ووسع من إدراكها حيال كثير من الأمور التي يجهلها الأطفال في عمرها إضافة إلى أنها بدأت بالكلام قبل سنها.

شهرة

منذ ولادتها وغلا هي نجمة العائلة الأولى فهواتف جميع أفراد أسرتها مليئة بفيديوهات من حياتها اليومية والتي توثق في  الوقت ذاته مراحل طفولتها، كما كانوا يتبادلون تلك الفيديوهات مع أقاربهم وأصدقائهم الذين ينتظرونها بفارغ الصبر.

وقبل أن تدخل غلا عالم الشهرة عبر منصة "الإنستغرام"، حققت الأميرة الصغيرة شهرة كبيرة في محيط عائلتها وأصدقاء أخواتها فلم تكن الشهرة الواسعة التي نالتها بعد ذلك أمراً غريباً عليهم. فابنة الثلاث أعوام ونصف العام لا تعي معنى الشهرة، فوالديها وإخوتها في المنزل حريصون على عدم ذكر هذا المصطلح "الشهرة" أمامها كي لا يترك ذلك أثراً سلبياً على شخصيتها مستقبلاً.

انستغرام

على الرغم من أن رحلة غلا في عالم "الإنستغرام" لم تتجاوز الثلاثة أشهر، إلا أنها استطاعت تحقيق قاعدة جماهيرية كبيرة محلياً وعربياً حيث يتابعها مليون و900 ألف ، كما أنها تمتلك محبة خاصة في قلوب متابعيها تحديداً في المملكة العربية السعودية.

من يشاهد فيديوهات غلا، يلاحظ صوتاً يتكرر ظهوره يوجه الأسئلة لها ويحاورها تارة ويمازحها تارة أخرى. هذا الصوت هو والد غلا الذي يصور أغلب الفيديوهات فهو يعرف كيف يجعل صغيرته تعبر عما يجول في خاطرها كونه يخاطبها بالأسلوب نفسه الذي تتحدث به.

أما والدة غلا، فهي تدير الرسائل التي تصل على الخاص حيث أوضحت أنها ترد بشكل دائم على جميع استفسارات وطلبات الجمهور، مما يسعدهم ويشعرهم بأنهم يشغلون أهمية في عالم هذه النجمة الصغيرة.

ومثلما أنشأت الأسرة حساب غلا على "الإنستغرام" بشكل سريع وتلقائي من غير التخطيط له مسبقاً، فمن الممكن أيضاً أن تغلقه في أي لحظة بحسب ما قالت والدة غلا، فما يهمها في المقام الأول شخصية طفلتها. وبينّت أنهم سيغلقون الحساب في حال شعروا أنه سيولد ضغطا عليها وسيؤثر سلباً على نشأتها، مؤكدة أن تواجد غلا على "الإنستغرام" هو لمنحها ثقة في نفسها وصقل شخصيتها عندما تكبر. 

عفوية وليست موهبة

عند رؤية غلا، تنفرج أساريرك ولا تفارق الضحكة وجهك وأنت تستمع لأحاديثها التي لا تمل فتدخل قلبك من دون استئذان وتحجز مقعداً فيه. "ما تقوم به غلا من فيديوهات هو عفوي جداً وليس تمثيلاً، فكيف لطفلة عمرها ثلاث سنوات أن تمثل؟!" بهذه الكلمات أجابت والدة غلا حول إن كانت العائلة تخطط مسبقاً لفيديوهات غلا أو تقوم بتمثيلها.

وأضافت: "غلا لا تتقن التمثيل على الإطلاق فعندما نطلب منها قول نص معين، ترفض بشكل تام. في ثلاثة من بين جميع الفيديوهات المصورة على "الإنستغرام"، طلبنا منها قول نص محدد وذلك في مناسبات اليوم الوطني لدولة الكويت وقطر والفيديو الذي قامت به لهيئة كهرباء ومياه دبي." أي شخص لديه أطفال في عمر غلا بوسعه التمييز بين تصرفات الطفل العفوية أو التي يقوم بتمثيلها وفقا لما قالت الأم.

وبين الموهبة وطبيعة شخصيتها، ذكرت والدة غلا أن ابنتها لا تمتلك موهبة فما تقوم من أفعال وتصرفات تعبر عن براءة وحديث وعفوية طفلة.
وختمت بقولها:  "ربما ورثت غلا خفة الظل وشخصيتها الطريفة من جينات العائلة فعمها هو الفنان أحمد الجسمي كما أن خالها وخالتها يحظيان بشخصية مرحة جداً."

شخصية مرحة

تتحلى غلا بشخصية مرحة ومتميزة وقريبة من القلب فهي تقبل على الآخرين عندما تكون بصحبة عائلتها خارج المنزل فتجدها تتحدث وتلتقط الصور التذكارية مع أناس لا تعرفهم، أولئك الذين تغمرهم السعادة عند لقائها صدفة.

لكن عندما تكون غلا محاطة بالكاميرات، ينتابها شعور بعدم الراحة وتتوقف عن فعل ما تقوم به أو ما تود قوله.  ومنذ صغرها، أظهرت غلاً تعلقاً بالحيوانات والطيور فهي تتودد لهم وتعطف عليهم وتلعب دور أم لهم. 

حسد

قد يتبادر إلى ذهن أي شخص يتابع غلا على "الإنستغرام" تساؤلات حول موقف العائلة من موضوع الحسد المذكور في القرآن الكريم وإن كان لها تخوفات نحوه وهنا قالت والدة غلا إن الحسد أمر وارد ولكننا نأخذ بالأسباب ونقوم برقية غلا وقراءة القرآن عليها،  موضحة أن نشر فيديوهات وصور غلا أمام مئات الآلاف من المتابعين أمر لا يشعرنا بالخوف والقلق إذ أن المتابعين أنفسهم يذكرون اسم الله عليها في تعليقاتهم.

مكياج

أثناء وجود كاميرا "البيان" في منزل غلا لإعداد تقرير مصور عنها، كانت لفقرة المكياج أثر مختلف عليها حيث كانت متحمسة جداً لممارسة شغفها في وضع المكياج.

في البداية، أخذت غلا تعرفنا على مساحيق التجميل التي ستستخدمها كأحمر الخدود والشفاه والمسكارا ثم بدأت تضع المساحيق على وجهها بدقة وعناية فائقة. قصة عشق غلا مع المكياج من أجمل القصص على حسابها في "الإنستغرام" فإما أن تكون النهاية جميلة على وجهها أو مضحكة في كثير من الأحيان.

إعلانات

نظراً للشهرة الواسعة والمكانة الغالية التي حازت عليها في قلوب متابعيها، تستلم أسرة غلا عدداً مهولاً من طلبات الإعلانات بصورة شبه يومية من مختلف الجهات ومن المشروعات الكبيرة والناشئة لكن العائلة ترفضها لأن مبدأها هو عدم جني مردود مادي من فيديوهات غلا.  وعلى خلاف الإعلانات، أكدت الأم أن غلا تشارك في المشروعات والحملات ذات البعد المجتمعي والتوعوي من غير مقابل كالفيديو الذي شاركت فيه لهيئة كهرباء ومياه دبي.

سناب شات

لا تملك غلا حساباً على موقع "سناب شات" رغم طلبات الجمهور المتواصلة لتواجدها على تلك المنصة فضيق الوقت لا يسمح للعائلة بإدارة حساب آخر لها على شبكات التواصل الاجتماعي.

مستقبل

مستقبل الأميرة الصغيرة في عالم الإعلام والفن هو محط أنظار واهتمام الكثيرين، وهنا أشارت والدة غلا إلى أنها لا ترغب في أن تسلك صغيرتها المسار الفني عندما تكبر كما أن عمها الفنان أحمد الجسمي كان متخوفاً مع بداية تحقيق غلا لتلك الشهرة الواسعة، موضحاً للأسرة المشقات التي ستواجهها إذا اتجهت لعالم الفن خصوصاً مع صغر سنها.

ولما تملكه من شخصية متفردة، طُلبت غلا للمشاركة في كثير من الأفلام والمسلسلات لكن الأسرة لم ترحب بتلك الفكرة لأن التمثيل سيكون مرهقاً عليها ولن تتحمل الطفلة الضغط النفسي الناجم عن هذا المجال.

"أريد أن يكون لغلا مكانة مرموقة في المجتمع ومساهمات وأدوار مؤثرة مجتمعية وخدمية وأن تترك بصمات هامة أينما تواجدت" بهذه الكلمات ختمت والدة غلا حوارها مع البيان.