عبر جناح «واحة التراث» الذي نظمته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وسط ساحة مهرجان زايد التراثي بمنطقة الوثبة، يمكن للمتجول أن يلحظ التنوع التراثي الذي أقامته الهيئة تحت شعار «روح مدينة العين» التي شهدت مولد ونشأة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو ما جعل منها مدينة تشهد على فترة مهمة في تاريخ الإمارات.
البيت العربي
يمكن للزائر الاطلاع على مكونات البيت العربي القديم، والحرف التراثية التي كانت سائدة قديماً، والاهتمام بالصقارة والحرف النسائية والفنون الشعبية، وعن هذا تحدث لـ«البيان» سيف عبيد الكعبي المشرف على ركن البيت العربي، فقال: إن البيت العربي من أبرز مكونات جناح واحة التراث نسبة للطراز الأصيل الذي تتميز به، إذ يوجد على يمين البيت نموذج مصغر لأحد الأفلاج الذي تميزت بها مدينة العين. وأضاف: يمكن للزائر أن يستعمل مياه الفلج التي اعتمد عليها أهل الإمارات قديماً في الزراعة بمدينة العين والمناطق المحيطة بها. وأوضح أن الأفلاج كانت أهم وسيلة استخدمها الأقدمون لرفع المياه الموجودة في أعماق الأرض إلى سطحها لاستخدامها في ري الزراعات المختلفة، والتي يعد النخيل من أهمها، وكانت توزع بين أصحاب البساتين حتى يستفيد منها الجميع بشكل عادل ومتساو.
مكونات البيت
أما باقي مكونات البيت العربي فتشمل «الطوي» أي بئر الماء، و«المدبسة» أي غرفة صناعة «الدبس من التمر» وغرفة نوم العروس، وركن النخيل الذي يعرض لكل المنتجات المصنوعة من النخيل، والمجلس التراثي المزين بأشكال تراثية أصيلة، والمنامة المصنوعة من الخشب، والتي تبنى على ارتفاع نحو متر عن سطح الأرض. لاستخدامها في أوقات اعتدال المناخ بعيداً عن أجواء الصيف الحارة. أما المجلس، والذي كان ومازال يعد واجهة البيت، فكان مؤسساً لاستقبال الضيوف وإكرامهم، وفيه يلتقي الأهل والأصدقاء في جلسات سمر ومناقشة، وفي بعض الأحيان لحل المشكلات التي قد تحدث.
مجلس البيت
يعرض البيت لطريقة عمل القهوة العربية بكل مراحلها، باستخدام معدات عمل القهوة والدلال الثلاث التقليدية، والتي يطلق عيها اللقمة والمزلة والجلة، كما يعرض في المجلس مستلزمات الفوالة، و«السماط» الذي يفرش عادة تحت الطعام.
ويتميز المجلس بوجود العديد من النوافذ التي تسمح بإدخال الهواء، أما خارج المجلس فيوجد ما يعرف بالدكة من أجل الجلوس في الهواء الطلق، في حال كان الطقس يسمح بهذا.
ومن معروضات البيت العربي أيضاً «الزوية» أي الحمام، وسرير الرجل وسرير المرأة، و«الهدة» أي سرير الطفل، و«المندوس» الذي يصنع عادة من الأخشاب الفخمة، ويستخدم لوضع ملابس وحاجيات المرأة، وبجانبه توضع «السحارة» وهي صندوق مصنوع من الحديد، يستخدم أيضاً لوضع الحاجيات.
الدعن
وكانت هذه البيوت القديمة التي حرصت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة على إعادة التذكير بشكلها، فهي مصنوعة من «الدعن» التي تشكل عنصراً أساسياً في البيوت القديمة، بمختلف أشكالها وفي جدرانها وسقفها وأبوابها، ويشارك في حرفة البناء هذه مجموعة من الرجال، يقومون بربط جريد النخيل بعد تنظفيه، إلى جانب بعض، ومن ثم يتم لصق هذه المجموعات بوساطة الحبال أو الخوص وهذا هو الدعن، ثم تربط المجموعات بشكل معين حتى يصل الرجال إلى بناء المنزل بشكله المطلوب. وقد انتهى البناء بطريقة الدعن عند قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، ولهذا كان مهرجان الشيخ زايد التراثي 2015 فرصة حقيقية لتذكير الجمهور بما كانت عليه الحال في فترة مهمة من تاريخ الدولة، وبما كان الناس يقومون به في مختلف جوانب الحياة.
تمديد
بناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تقرر تمديد مهرجان الشيخ زايد التراثي 2015 لمدة ثلاث أسابيع، بعد أن كان مقرراً أن يختتم يوم 12 ديسمبر الجاري.
تكييف
«البرجيل» جهاز تبريد البيت القديم
تحيط بالبيت العربي القديم المشيد في الإمارات مجموعة من «البراجيل» التي توصف بأنها التبريد الطبيعي في حياة الإماراتيين القديمة، لأنها تقوم بإنزال الهواء لأهل البيت لتكون بمثابة «مكيف» يُمكن من التغلب على حرارة الطقس، وذلك في فترة ما قبل وجود الكهرباء، إذ كانت تخفف من الشعور بارتفاع درجات حرارة الجو، أما أهم ما تتميز فيه «البراجيل» بتصميمها المرتفع فهو قدرتها على جلب الهواء من الجهات الأربع الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب، وهو ما يجعل الحرارة في المنزل معتدلة في أغلب أوقات العام.
ابتكار
«المدبسة» غرفة عصير التمر
يطلق اسم «المدبسة» على غرفة صناعة «الدبس من التمر» عن هذا قال علي الظنحاني: إنها المكان الذي يجمع فيه التمر، ثم تسيل منه العصارة بصورة طبيعية، وتحدث هذه العملية بشكل متزامن مع عملية تخزين التمر، إلى جانب عملية جمع الدبس، لأن التمر عندما يتم تخزينه يبدأ الدبس بالسيلان منه، والمدبسة عبارة عن غرفة خالية ليس فيها أي نوافذ، من أجل أن يدخل من خلالها أي مواد تلوثها، أو غبار، يقع على التمر أثناء التخزين أو فيما بعد على الدبس.
وأوضح الظنحاني بأن التمر الذي يتم تخزينه يسمى «اليراب» وهو عبارة عن وعاء كبيرة مصنوع أيضاً من خوص النخيل، ويتم تجميع عدد كبير من «اليراب» فوق بعضها البعض، لمدة تصل إلى أشهر عدة. وأشار إلى أنه طوال فترة التخزين يبدأ الدبس بالخروج بشكل طبيعي.