درة جديدة في عقد الخير والبناء تضاف إلى رصيد دولة الإمارات العربية المتحدة، وفكر رجال آمنوا بأن العالم أحوج ما يكون إلى التوحد لا التشرذم والفرقة، وإلى البناء لصالح الأجيال الحالية والقادمة، وأن الخير قيمة عليا لا تفرق بين وطن ووطن، ولا بين إنسان وإنسان وآخر، فمعاناة الفرد في مكان تؤذي غيره من أصحاب الفطر السليمة التي خلق الله الناس عليها كما لو كان هو.
من هنا كان إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جائزة صاحب السمو الشيخ «محمد بن راشد للازدهار العالمي» التي تمنح سنوياً للابتكارات الصناعية التي تخدم الإنسانية وتساهم في إعادة بناء الازدهار الاقتصادي العالمي.
ولا شك أن إطلاق الجائزة يحمل العديد من الدلالات التي تستوجب التوقف أمامها، منها أنها تأتي في إطار سلسلة من المبادرات التي إن نظرت إليها برؤية بانورامية تجدها حلقة مكتملة، وإن أردت الدقة، عقداً من الخير تحمل كل حبة منه فكرة بناء في مجال مختلف، ابتداء بالتعليم ومروراً بالابتكار وليس انتهاء بالازدهار العالمي، وهو ما يعكس رؤية الإمارات الشاملة والمتكاملة للمكونات التي تجود الحياة الإنسانية وهذا التوازن بين جنباتها.
ثم إن هذه الدعوة للتنافس في طريق الخير والنماء الإنساني لا تقتصر على مكان دون آخر أو شعب دون غير، لكنها تفتح الآفاق رحبة للجميع دون النظر إلى جنس أو عرق أو لون، لأن الابتكار الإنساني هو ملك للإنسانية جميعاً ويستفيد منه القاصي والداني، كما أن دعاة الخير وأصحابه يعرفون الرجال بالحق والعلم والخير للإنسان وليس العكس، فالمهم هو ما يقدمه الفرد من آثار طيبة ينتفع بها من حوله ويخلد بها ذكره بين الناس وفي قلوبهم.
ولا شك أن اقتران الجائزة باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي يأتي متسقاً تماماً مع أفكاره التي تأبى دائماً أن تكون قطرية أو حدودية، لكنها تتسع لآفاق رحبة لتشمل بني الإنسان الذين كرمهم الله، وهو ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، من أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد «ساهم بشكل أساسي في تكريس ثقافة الابتكار والإبداع على المستويين المحلي والعالمي حتى أصبح مثالاً للقائد الذي يحفز المجتمع بأسره، بقطاعيه العام والخاص ومؤسساته المدنية، على الوصول بالإنجازات إلى آفاق أرحب وأوسع، واعتماد الابتكار نمط حياة من أجل سعادة المجتمع ورقيه وازدهاره».
كما أنه صانع الأمل الذي يرى دائماً آفاقاً رحبة للانطلاق، حين يظن البعض أن أبوابه قد أوصدت، وأن التحديات هي مدرسة صنع الرجال، وأن مستقبلك ليس ما يحدده لك غيرك ولكنك أنت الذي تشارك في صنعه بفعلك ورؤيتك، وهو من ينشر السعادة باعتبارها طاقة دافعة للإبداع والرؤية الإيجابية، ومن أطلق أول مجلس وزاري للثورة الصناعية الرابعة على المستوى العالمي، لتكون الإمارات الدولة الأولى في العالم التي تركز جهودها نحو المستقبل لتتبوأ مكانة متقدمة في الحراك العالمي نحو تقنيات الثورة الصناعية.
ولا شك أن المبادرات العالمية التي تخرج من الإمارات للعالم، وبخاصة في المجال الاقتصادي وفي القلب منه النشاط الصناعي، تؤكد الرؤية الاستشرافية التي تؤكد أن الصناعة هي العنصر الفاعل والأكثر تأثيراً في الاقتصاد العالمي، كما أنها المجال الأمثل لنمو الفكر الابتكاري وتحقيق رؤية الإمارات في تنويع مصادر الدخل وبناء اقتصاد متنوع ومستدام.
إن إطلاق الإمارات لجائزة محمد بن راشد للازدهار الإنساني يأتي في إطار الدور الفاعل للإمارات في حركة الاقتصاد العالمي القائم على التكتلات الدولية، كما أنها تساهم في التأسيس لقواعد حركته في عصر بات من غير الممكن الانعزال عن النشاطات العالمية بكل تجاذباتها.
إن كثير من المشكلات، التي يعاني منها العالم في كثير من مناطقه الملتهبة فضلاً عن منطقتنا العربية على وجه الخصوص، تحتاج إلى ثورة صناعية جديدة ترتقي بحياة الإنسان.ولا شك أن هذه الجائزة تأتي في سياقها الطبيعي، وتعد محصلة لما أرساه سموه من مرتكزات التميز والفكر الابتكاري، وهو الميدان الواسع لهذا الفكر الضامن لمستقبل الإمارات ومرحلة ما بعد النفط.
كما أن الجائزة تنطلق من نقطة الارتكاز في كافة عمليات التنمية وهي الإنسان، الذي بفكره تنمو المجتمعات وتتحقق الإنجازات، وهو في الوقت ذاته الضمانة للحفاظ على كافة المكتسبات، إنها دعوة لخير البشرية في عام أرادت له الإمارات أن يكون عام الخير للإمارات والعالم بأسره، وما أحوجنا إلى ذلك!