أقصى ما يمكن أن يرتكبه أبناؤنا وهم في الـ19 من العمر هو القيادة بتهور أو الخروج بسيارة العائلة في غفلة من ذويهم، أو أن يضبط أحدهم وهو يدخن سيجارة أو دوخة، يتمرد على الأوامر، يتسرب من مدرسة، يسهر ويتأخر خارج المنزل، يقصر في أداء صلواته إلى غير ذلك من المشكلات اليومية التي لا يكاد يخلو منها بيت.
أما أن يمثل أمام محكمة أمن الدولة يواجه جناية فهذا خطير، فما الذي يجعل مراهقاً بمثابة طفل محصن بحب ورعاية والديه وأسرته أن ينزلق الى الهاوية، ويصبح متهما بالسعي للانضمام إلى " داعش " الارهابية في حين إنه من المفترض أنه انتهى للتو من أداء الخدمة الوطنية ويستعد مثل من هم في سنه للالتحاق بجامعة أو البحث عن وظيفة استبشاراً بغد جميل ومستقبل مشرق ينتظره ؟!.
لماذا انزلق هذا المراهق نحو هذه الهاوية وسقط في براثن الشر وجماعات لا ترحم، تستغل صغر سن زهور الوطن وتأخذهم إلى جحيم لا يعرفون تفاصيله إلا بعد فوات الأوان ؟!.
ابناؤنا وشبابنا مقبلون على الحياة ويعول عليهم الوطن كثيراً، وينتظر سواعدهم لتعمل وتعطي وتبني، وتمنح هذه الأرض حباً وعشقاً يروون به تراب الوطن، وهم يضربون مثلاً إيجابياً، ولايمكن ان نعتبر أي خروج لفرد عن وطنه وأهله، إلا عبر تشخيصه كحالة استثنائية تستوجب التحليل والدراسة، لاستنباط الدلالات وللتحوط.
السؤال: ما الذي دفع هذا الصغير الغض أن يتأثر بفكر متطرف وهو يعيش في بلد أهله محبون للحياة مقبلون عليها، وهو يحيا بشكل سعيد وفي بيئة طيبة أمنتها له قيادته وتسعى بجد لأن تجعل من شعبها أسعد الشعوب؟! .
أين كان ذوو المراهق وأين كان عنه المجتمع بأسره، وهو يتعرض لهذا الاختطاف، وينحدر وينحاز لفكر غير فكر أهله، ويختار التورط مع أناس ليس منهم في الأساس، ويضرب بكل شيء عرض الحائط ويسعى ليصبح عضواً في تنظيمات إرهابية لا تتوانى في جعله ضحية من ضحاياها؟!.
بين ليلة وضحاها يُقضى على طموحات أسرة ربما كانت تتطلع إلى الكثير ووطن يحتاج إلى كل قطرة عرق يبذله أبناؤه..
وغداً نكمل حديث القلب..